الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السابعة : زعم كثير من الفقهاء أن قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) يدل على أن ظاهر الأمر للوجوب ، واعترض المتكلمون عليه فقالوا : قوله : ( أطيعوا الله ) فهذا لا يدل على الإيجاب إلا إذا ثبت أن الأمر للوجوب . وهذا يقتضي افتقار الدليل إلى المدلول وهو باطل ، وللفقهاء أن يجيبوا عنه من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن الأوامر الواردة في الوقائع المخصوصة دالة على الندبية فقوله : ( أطيعوا ) لو كان معناه أن الإتيان بالمأمورات مندوب فحينئذ لا يبقى لهذه الآية فائدة . لأن مجرد الندبية كان معلوما من تلك الأوامر ، فوجب حملها على إفادة الوجوب حتى يقال : إن الأوامر دلت على أن فعل تلك المأمورات أولى من تركها ، وهذه الآية دلت على المنع من تركها فحينئذ يبقى لهذه الآية فائدة .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه تعالى ختم الآية بقوله : ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) وهو وعيد ، فكما أن احتمال اختصاصه بقوله : ( فردوه إلى الله ) قائم ، فكذلك احتمال عوده إلى الجملتين أعني قوله : ( أطيعوا الله ) وقوله : ( فردوه إلى الله ) قائم ، ولا شك أن الاحتياط فيه ، وإذا حكمنا بعود ذلك الوعيد إلى الكل صار قوله : ( أطيعوا الله ) موجبا للوجوب ، فثبت أن هذه الآية دالة على [ ص: 120 ] أن ظاهر الأمر للوجوب ، ولا شك أنه أصل معتبر في الشرع .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية