الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا رأى بخط أبيه أن لي على فلان كذا ، أو أديت إلى فلان كذا ، قال الأصحاب : فله أن يحلف على الاستحقاق والأداء اعتمادا على خط أبيه إذا وثق بخطه وأمانته . قال القفال : وضابط وثوقه أن يكون بحيث لو وجد في تلك التذكرة : لفلان علي كذا لا يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم به ، بل يؤديه من التركة ، وفرقوا بينه وبين القضاء والشهادة بأن خطرهما عظيم وعام ، ولأنهما يتعلقان به ، ويمكن التذكر فيهما ، وخط المورث لا يتوقع فيه يقين ، فجاز اعتماد الظن فيه حتى لو وجد بخط نفسه أن لي على فلان كذا ، أو أديت إلى فلان دينه ، لم يجز الحلف حتى يتذكر قاله في " الشامل " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال الصيمري : ينبغي للشاهد أن يثبت حلية المقر إذا لم يعرفه بعد الشهادة ، ليستعين بها على التذكر ، ويقرب من هذا ذكر التاريخ ، وموضع التحمل ، ومن كان معه حينئذ ، ونحو ذلك .

                                                                                                                                                                        الثالثة : شهد عنده عدلان أنك حكمت لزيد بكذا ، وهو لا يذكره ، لم يحكم بقولهما إلا أن يشهدا بالحق بعد تجديد دعوى ، وعن ابن القاضي تخريج قول : إنه يمضي الحكم الأول بشهادتهما ، والمذهب الأول ، ولو شهد أنك تحملت الشهادة في واقعة كذا ، ولم يتذكر ، لم [ ص: 160 ] يجز أن يشهد ، وهذا بخلاف رواية الحديث ، فإن الراوي لو نسي ، جاز له أن يقبل الرواية ممن سمعها منه على الصحيح ، وفيها وجه حكاه ابن كج وعلى الصحيح الفرق ما سبق أن باب الرواية على التوسعة ، ولهذا يقبل من العبد والمرأة ، ومن الفرع مع وجود الأصل وغير ذلك وإذا لم يتذكر القاضي فحقه أن يتوقف ، ولا يقول : لم أحكم .

                                                                                                                                                                        وهل للمدعي والحالة هذه تحليف الخصم أنه لا يعرف حكم القاضي ؟ قال صاحب " التهذيب " : يحتمل وجهين . ولو شهد الشاهدان على حكمه عند قاض آخر قبل شهادتهما ، وأمضى حكم الأول إلا إذا قامت بينة بأن الأول أنكر حكمه ، وكذبهما ، فإن قامت بينة بأنه توقف ، فوجهان ، أوفقهما لكلام الأكثرين أنه يقبل شهادتهما ، وقال الأودني وصاحب " المهذب " : لا تقبل ؛ لأن توقفه يورث تهمة وعلى هذا لو شهد عدلان أن شاهدي الأصل توقفا في الشهادة ، لم يجز الحكم بشهادة الفروع .

                                                                                                                                                                        الرابعة : ادعى على القاضي أنك حكمت لي بكذا . قال الأصحاب : ليس له أن يرفعه إلى قاض آخر ، ويحلفه كما لا يحلف الشاهد إذا أنكر الشهادة . وعن القاضي حسين أنا إن قلنا : اليمين المردودة كالإقرار ، فله تحليفه ليحلف المدعي إن نكل ، هذا إذا ادعى عليه وهو قاض ، فإن ادعى عليه بعد عزله ، أو في غير محل ولايته عند قاض ، فنقل الإمام أنه يجوز سماع البينة ، ولا يقبل إقراره . ولا يحلف إن قلنا : اليمين المردودة كالإقرار ، وإن قلنا : كالبينة ، حلف ، ولك أن تقول : سماع الدعوى على القاضي معزولا كان أو غيره بأنه حكم ليس على قواعد الدعاوى الملزمة ، وإنما يقصد بها التدرج إلى إلزام الخصم ، فإن كان له بينة ، [ ص: 161 ] فليقمها في وجه الخصم ، وينبغي أن لا يسمع على القاضي بينة ، ولا يطالب بيمين ، كما لو ادعى على رجل أنك شاهدي .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية