الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : من يكاتبه القاضي بحكمه .

                                                                                                                                            وأما الفصل الثاني : من الفصول الأربعة وهو فيمن يكاتبه القاضي بحكمه فهم على أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : مكاتبة القضاة .

                                                                                                                                            والثاني : مكاتبة الأمراء .

                                                                                                                                            والثالث : مكاتبة الشهود .

                                                                                                                                            والرابع : مكاتبة المحكوم عليه .

                                                                                                                                            فأما القسم الأول في مكاتبة القضاة : فيكاتب بحكمه أحد قاضيين : إما قاضي البلد الذي فيه الخصم المحكوم عليه ، وإما قاضي البلد الذي فيه الملك المحكوم به ، وليس لمكاتبة غيرهما من القضاة وجه ، لأنه لا يتعلق على غيرهما شيء من حكمه . فإذا كتب إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم المطلوب فانتقل المطلوب إلى بلد آخر أوصل الطالب كتابه إلى ذلك القاضي ويتنجز به كتابه إلى قاضي البلد الذي انتقل المطلوب إليه ، وجاز للقاضي الثاني أن يكتب به إلى القاضي الثالث .

                                                                                                                                            فإن عاد الطالب إلى القاضي الأول وسأله أن يكتب له إلى القاضي الثالث [ ص: 224 ] فالأولى بالقاضي الأول أن يستعيد منه الكتاب الأول ويكتب له كتابا ثانيا إلى القاضي الثالث .

                                                                                                                                            فإن لم يستعده ، ذكر في الكتاب الثاني أنه قد كان كتب له كتابا بهذا الحكم إلى فلان القاضي حتى لا يتوصل بالكتابين إلى أن يأخذ بحق حقين .

                                                                                                                                            فإن قال الطالب خصمي في بلد كذا ولست آمن أن ينتقل منه إلى غيره ، وسأل كتابين ، لم يجز أن يكتبهما ، وكان القاضي بين خيارين : إما أن يكتب إلى قاضي البلد الذي كان فيه المطلوب ، ليتنجز به الطالب كتاب ذلك القاضي إن خرج المطلوب إلى غيره ، وإما أن يكتب له كتابا مرسلا إلى من وصل إليه كتابه من سائر القضاة .

                                                                                                                                            وهكذا لو لم يعرف الطالب البلد الذي فيه المطلوب ، كتب له القاضي كتابا مطلقا يعلم به جميع القضاة ، فأي قاض كان المطلوب في بلده جاز له أن يقبل كتابه ويحكم به .

                                                                                                                                            ولو كتب القاضي للطالب كتابا وتسلمه منه ثم ذكر أنه قد ضاع ، كتب له غيره على مثل نسخه لا يتغير في لفظ ولا معنى ، وذكر فيه أن الطالب قد كان تنجز غيره بمثله ، وذكر أنه ضاع منه لئلا يتم بالكتابين احتيال .

                                                                                                                                            ويجوز أن يكون كتاب القاضي إلى القاضي على أحد وجهين :

                                                                                                                                            إما بالحكم بالحق ليكون الثاني مستوفيا ، وإما بثبوت الحق ، ليكون الثاني حاكما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية