الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        [ ص: 64 ] المسألة الثالثة

                        إن التكليف بالفعل - والمراد به أثر القدرة الذي هو الأكوان لا التأثير الذي هو أحد الأعراض النسبية - ثابت قبل حدوثه اتفاقا وينقطع بعده اتفاقا ، ولا اعتبار بخلاف من خالف في الطرفين ، فهو بين السقوط ، وما قالوه من أنه لو انقطع انعدم الطلب القائم بذات الله سبحانه ، وصفاته أبدية ، فهو مردود بأن كلامه سبحانه واحد ، والتعدد في العوارض الحادثة من التعلق ككونه أمرا أو نهيا ، وانتفاؤهما لا يوجب انتفاء .

                        واختلفوا هل التكليف به باق حال حدوثه أم لا ؟ فقال جمهور الأشعرية : هو باق ، وقالت المعتزلة والجويني : ليس بباق . وليس مراد من قال بالبقاء أن تعلق التكليف بالفعل لنفسه إذ لا انقطاع له أصلا ، ولا أن تنجيز التكليف باق ; لأن التكليف بإيجاد الموجود محال ; لأنه طلب يستدعي مطلوبا غير حاصل ، وهو تكليف بالمحال ، ولا أن القدرة مع الفعل ، لاستلزامه أن لا تكليف قبله ، وهو خلاف المعقول وخلاف الإجماع ، فإن القاعد مكلف بالقيام إلى الصلاة ، بل مرادهم : أن التكليف باق عند التأثير ، لكن التأثير عين الأثر عندهم .

                        واستدلوا بأن الفعل مقدور حال حدوثه ; لأنه أثر القدرة فيوجد معها ، وإذا كان مقدورا حينئذ فيصح التكليف به ; لأنه لا مانع إلا عدم القدرة ، وقد انتفى .

                        وأجيب : بأنه يلزم التكليف بإيجاد الموجود ، وهو محال .

                        ويرد : بأن ذلك لا يلزم لأن المحال إنما هو إيجاد الموجود بوجود سابق لا بوجود حاصل .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية