الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        واختلفوا في كونه حجة أم لا على مذاهب :

                        ( الأول ) : أنه حجة وإليه ذهب الأكثرون .

                        ( الثاني ) : أنه ليس بحجة ، قال ابن السمعاني : وبه قال أكثر الحنفية ، وإليه ذهب من ادعى التحقيق منهم ، وإليه ذهب القاضي أبو بكر ، والأستاذ أبو منصور وأبو إسحاق المروزي ، وأبو إسحاق الشيرازي ، وأبو بكر الصيرفي ، والقاضي أبو الطيب الطبري .

                        ( الثالث ) : اعتباره في الأشياء الراجعة إلى الصورة .

                        ( الرابع ) : اعتباره فيما غلب على الظن أنه مناط الحكم ، بأن يظن أنه مستلزم لعلة الحكم ، فمتى كان كذلك صح القياس ، سواء كانت المشابهة في الصورة أو المعنى ، [ ص: 637 ] وإليه ذهب الفخر الرازي ، وحكاه القاضي في التقريب عن ابن سريج .

                        ( الخامس ) : إن تمسك به المجتهد كان حجة في حقه ، إن حصلت غلبة الظن ، وإلا فلا ، وأما المناظر فيقبل منه مطلقا ، هذا ما اختاره الغزالي في المستصفى .

                        وقد احتج القائلون بأنه حجة ، بأنه يفيد غلبة الظن ، فوجب العمل به .

                        واحتج القائلون بأنه ليس بحجة بوجهين :

                        ( الأول ) : أن الوصف الذي سميتموه شبها إن كان مناسبا فهو معتبر بالاتفاق ، وإن كان غير مناسب فهو الطرد المردود بالاتفاق .

                        ( الثاني ) : أن المعتمد في إثبات القياس على عمل الصحابة ، ولم يثبت عنهم أنهم تمسكوا بالشبه .

                        وأجيب عن الأول : بأنا لا نسلم أن الوصف إذا لم يكن مناسبا كان مردودا بالاتفاق ، بل ما لا يكون مناسبا إن كان مستلزما للمناسب ، أو عرف بالنص تأثير جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم; فهو غير مردود .

                        وعن الثاني : بأنا نعول في إثبات هذا النوع من القياس على عموم قوله تعالى : فاعتبروا على ما ذكرنا أنه يجب العمل بالظن .

                        ويجاب عن هذين الجوابين : أنا لا نسلم أن ما كان مستلزما للمناسب كالمناسب ، ولا يحصل به الظن بحال ، ولا تدل عليه الآية بوجه من وجوه الدلالة ، كما سبق تقريره في أول مباحث القياس .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية