الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          663 661 - ( مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص ) مالك أحد العشرة ( وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان ) ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع ، قال ابن عبد البر : هذا منقطع .

                                                                                                          ثم أخرجه من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه ثم قال : وفعل سعد يضعف حديثه المرفوع : " أفطر الحاجم والمحجوم " ، وقد انفرد به داود بن الزبرقان وهو متروك .

                                                                                                          وإن صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم عن غير سعد وعندي أنه منسوخ لحديث ابن عباس يعني عند البخاري وغيره : " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم " لأن في حديث شداد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان فقال : أفطر الحاجم والمحجوم .

                                                                                                          وابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته حينئذ وهو محرم صائم .

                                                                                                          وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم لوفاته في ربيع الأول ، ومن جهة النظر أن الأحاديث متعارضة فسقط الاحتجاج بها ، والأصل أن الصائم على صومه لا ينتقض إلا بسنة لا معارض لها ، ثم قال : والمسألة أثرية لا نظرية وقد صح النسخ فيها ، وأيضا فإنه قال : أفطر الحاجم ، والإجماع على أن رجلا لو أطعم رجلا طائعا أو مكرها لم [ ص: 260 ] يفطر الفاعل فدل على أنه ليس على ظاهره وإنما معناه ذهب أجرهما لما علمه صلى الله عليه وسلم من ذلك كخبر : " من لغا يوم الجمعة فلا صلاة له " أي ذهب أجر جمعته ، وقيل : إنهما كانا مغتابين أو قاذفين فبطل أجرهما لا حكم صومهما انتهى .

                                                                                                          وأوله بعضهم بأن المراد سيفطران نحو : إني أراني أعصر خمرا ( سورة يوسف الآية : 36 ) ولا يخفى بعده .

                                                                                                          وقال البغوي : معناه تعرضا للإفطار ، وأما الحاجم فلا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص ، وأما المحجوم فلا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول إلى الفطر ، وقيل : معنى أفطرا فعلا مكروها وهو الحجامة فصارا كأنهما غير متلبسين بالصيام .

                                                                                                          وقال ابن خزيمة : جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال : أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان ، فإذا قيل له : فالغيبة تفطر ؟ قال : لا ، فلم يخرج من مخالفة الحديث .

                                                                                                          قال الحافظ : أخرجه الطحاوي والبيهقي وعثمان الدارمي وفيه متروك .

                                                                                                          وقال ابن المديني : إنه حديث باطل .




                                                                                                          الخدمات العلمية