الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الملك بن قرير عن محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى فقال عمر لرجل إلى جنبه تعال حتى أحكم أنا وأنت قال فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا يحكم معه فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة قال لا قال فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي فقال لا فقال لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ثم قال إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة وهذا عبد الرحمن بن عوف

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          948 933 - ( مالك عن عبد الملك بن قرير ) بضم القاف وفتح الراء وإسكان التحتية ثم راء بلا نقط ، العبدي البصري ، ولم يصب من زعم أنه الأصمعي ، وأن مالكا غلط فيه بذكره براء آخره ، لأن أبا الأصمعي قريب بموحدة آخره ، فقد بين صواب ذلك يحيى بن بكير ، وأيضا فالأصمعي لم يدرك ابن سيرين .

                                                                                                          وقال أبو عمر : طرح ابن وضاح اسمه ، وقال عن ابن قرير تبعا لقول ابن معين : وهم مالك فيه إنما هو عبد العزيز ، وقال يحيى بن بكير : لم يوهم مالك في اسمه ، ولا في اسم أبيه ، وإنما هو عبد الملك أخو عبد العزيز ابنا قرير .

                                                                                                          ( عن محمد بن سيرين : أن رجلا ) قال الأصيلي : هو قبيصة بن جابر الأزدي ، انتهى ، وقد رواه الحاكم في المستدرك عنه .

                                                                                                          ( جاء إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أجريت أنا وصاحب لي ) لم يسم ( فرسين نستبق ) نرمي ( إلى ثغرة ) بضم المثلثة وإسكان المعجمة ، أعلى ( ثنية ) طريق في الجبل ( فأصبنا ظبيا ، ونحن محرمان فماذا ترى ؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه : تعال ) بفتح اللام ، فعل أمر من تعالى تعاليا ارتفع ، وأصله أن الرجل العالي كان ينادي السافل ثم استعمل بمعنى هلم مطلقا سواء كان موضع المدعو أعلى أو أسفل أو مساويا ، فهو في الأصل معنى خاص ، ثم [ ص: 575 ] استعمل بمعنى عام .

                                                                                                          ( حتى أحكم أنا وأنت ) زاد الحاكم : فقال عمر ترى شاة تكفيه ؟ قال : نعم ( قال : فحكما عليه بعنز ) أنثى المعز إذا أتى عليها الحول ، قال الجوهري : والعنز الأنثى من الظباء والأوعال .

                                                                                                          ( فولى الرجل وهو يقول : هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي ) استقلالا ( حتى دعا ) : طلب ( رجلا يحكم معه ) وفي رواية الحاكم ، فقال : إن أمير المؤمنين لم يحسن أن يفتيك حتى سأل الرجل ( فسمع عمر قول الرجل ، فدعاه ، فسأله هل تقرأ سورة المائدة ؟ قال : لا ، قال : فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ فقال : لا ، فقال عمر : لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ) إذ لو قرأتها لعلمت أنه لا بد من اثنين في الصيد .

                                                                                                          وفي المستدرك عن قبيصة : فعلاه بالدرة ضربا ، ثم أقبل إلي ليضربني فقلت : إني لم أقل شيئا إنما قاله هو فتركني ، ويجب تأويله بأن المراد : أراد أن يعلوه فأخذ الدرة بيده مريدا ضربه ، ثم تمهل حتى استفهمه عن المائدة بدليل رواية الموطأ ، فالقصة واحدة .

                                                                                                          ( ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه يحكم به ) أي بالمثل رجلان ( ذوا عدل منكم ) لهما فطنة يميزان بها أشبه الأشياء به ( هديا ) حال من جزاء ( بالغ الكعبة ) أي يبلغ به الحرم فيذبح به ويتصدق به على مساكينه ، ونصب نعتا لما قبله وإن أضيف ، لأن إضافته لفظية لا تفيد تعريفا .

                                                                                                          ( وهذا عبد الرحمن بن عوف ) أحد العشرة ، فمقامه في العدالة معلوم ، زاد في رواية الحاكم : ثم قال عمر : أردت أن تقتل الجزاء ، وتتعدى في الفتيا ، ثم قال : إن في الإنسان عشرة أخلاق ، تسعة حسنة وواحد سيئ فيفسدها ذلك السيئ ، ثم قال : إياك وعثرات اللسان .




                                                                                                          الخدمات العلمية