الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال إنما أنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا في الدعاء قال يحيى وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال لا بأس بالدعاء فيها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          505 508 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه قال : إنما أنزلت هذه الآية ( ولا تجهر بصلاتك ) جدا فتنقطع وتنبت ( ولا تخافت ) ولا تخفض صوتك ( بها وابتغ بين ذلك ) الجهر والمخافتة ( سبيلا ) وسطا ( في الدعاء ) أرسله مالك وتابعه على إرساله سعيد بن منصور ، عن يعقوب بن عبد الرحيم الإسكندري ، عن هشام ، ووصله البخاري من طريق مالك بن سعير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أنزل ذلك في الدعاء . قال الحافظ : وتابعه الثوري عن هشام ، وأطلقت عائشة الدعاء ، وهو أعم من أن يكون داخل الصلاة أو [ ص: 59 ] خارجها ، وأخرجه الطبري وابن خزيمة والمعمري والحاكم من طريق حفص بن غياث عن هشام ، فزاد في التشهد ، ومن طريق عبد الله بن شداد قال : " كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قالوا : اللهم ارزقنا مالا وولدا " . وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : " نزلت ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به ، فقال الله تعالى لنبيه : ( ولا تجهر بصلاتك ) ( سورة الإسراء : الآية 110 ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ( ولا تخافت بها ) ( سورة الإسراء : الآية 110 ) عن أصحابك فلا تسمعهم ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) ( سورة الإسراء : الآية 110 ) ورجح الطبري حديث ابن عباس قال : لأنه أصح إسنادا وتبعه النووي وغيره ، لكن يحتمل الجمع بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة .

                                                                                                          وقد روى ابن جرير من طرق عن ابن عباس قال : نزلت في الدعاء فوافق عائشة .

                                                                                                          وعنده عن عطاء ومجاهد وسعيد ومكحول مثله . وأسند عن عطاء أيضا قال : يقول قوم إنها في الصلاة وقوم إنها في الدعاء . ولابن مردويه عن أبي هريرة : " كان ، صلى الله عليه وسلم ، إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت " وقيل الآية في الدعاء وهي منسوخة بقوله : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ( سورة الأعراف : الآية 55 ) ، انتهى .

                                                                                                          وفي الاستذكار قال مالك : أحسن ما سمعت فيه ، أي لا تجهر بقراءتك في صلاة النهار ولا تخافت بقراءتك في صلاة الليل والصبح ، وهذا نص عن مالك أن الصبح من النهار . ( قال يحيى : وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال : لا بأس بالدعاء فيها ) وأولى في غيرها بما شاء من أمر دينه ودنياه من القرآن أو غيره . وقال أبو حنيفة : لا يدعو إلا بما في القرآن وإلا بطلت صلاته . ولنا أنه ، صلى الله عليه وسلم ، كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول : اللهم أنج الوليد بن الوليد ، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين . . . الحديث . وقال : غفار غفر الله لها وأسلم سلمها الله ، وغير ذلك وكله في الصحيح .




                                                                                                          الخدمات العلمية