الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر قال وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم قال مالك لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف ولولا ذلك لم تكره ولو أن رجلا احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئا ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئا وليس عليه قضاء ذلك اليوم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          664 662 - ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم ) لأنه كان يواصل الصوم قاله ابن عبد البر .

                                                                                                          وقال الباجي : يحتمل أن يريد يحتجم قبل أن يأكل .

                                                                                                          وقال أبو عبد الملك : يحتمل أنه حكى أكثر أفعاله .

                                                                                                          وفي البخاري : أن ثابتا سأل أنس بن مالك : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ؟ قال : لا إلا من أجل الضعف .

                                                                                                          والذي ( قال مالك لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف ) فيلجأ إلى الفطر ، ( ولولا ذلك لم يكره ) لأنها إخراج ، وقد قال ابن عباس وغيره : الفطر مما دخل وليس مما خرج وهو محمول على الغالب ، وإلا فإخراج المني فيه القضاء والكفارة .

                                                                                                          ( ولو أن رجلا احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئا ) لأن فاعل المكروه لا شيء عليه ، ( ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير ) بمعجمة وراءين ( بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي [ ص: 261 ] فلا أرى عليه شيئا وليس عليه قضاء ذلك اليوم ) وبهذا قال الجمهور .

                                                                                                          وقال أحمد وداود والأوزاعي وإسحاق وابن المبارك وابن مهدي : لا يجوز فإن احتجم فعليه القضاء ، وشذ عطاء فقال : إن تعمد الاحتجام أو استقاء فعليه القضاء والكفارة ، قال أبو عمر : فإن احتج بحديث : " من ذرعه القيء فلا شيء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء " ، وبحديث : " أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر " ، قيل : هذه حجة لنا لأنه لما لم يكن على من ذرعه القيء شيء دل على أن ما خرج من نجس أو غيره لا يفطر ، وأما المستقيء فبخلافه لأنه لا يؤمن منه رجوع القيء بتردده .

                                                                                                          وأما حديث قاء فأفطر ليس بالقوي ومعنى قاء استقاء ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث لا يفطرن الصائم : القيء والحجامة والاحتلام " ، وقال أبو سعيد : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة والحجامة للصائم انتهى .

                                                                                                          وروى النسائي وابن خزيمة والدارقطني عن أبي سعيد : أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم ، قال ابن حزم : وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة .




                                                                                                          الخدمات العلمية