الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 2372 / 1 ] وعن الفلتان بن عاصم الجرمي رضي الله عنه قال: "كنا قعودا ننتظر النبي صلى الله عليه وسلم فجاءنا وفي وجهه الغضب حتى جلس، ثم رأينا وجهه يسفر. فقال: إنه بينت لي ليلة القدر ومسيح الضلالة، فخرجت لأبينهما لكم فلقيت بسدة المسجد رجلين يتلاحيان - أو قال: يقتتلان - معهما الشيطان، فحجبت بينهما فأنسيتهما، وسأشدو لكم منهما شدوا، أما ليلة القدر فالتمسوها في العشر الأواخر، وأما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوح العين، عريض النحر كأنه فلان بن عبد العزى - أو عبد العزى بن قطن. قال أبي: فحدثت به ابن عباس فقال: وما أعجبك من ذلك؟! كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا دعا الأشياخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دعاني معهم. وقال: لا تتكلم حتى يتكلموا. فدعانا ذات يوم - أو ذات ليلة - فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر ما قد علمتم: التمسوها في العشر الأواخر وترا. أي (الوتر ) هي؟ [ ص: 132 ] فقال رجل برأيه: تاسعة، سابعة، خامسة، ثالثة. فقال لي: ما لك لا تتكلم يا ابن عباس ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إن شئت تكلمت. فقال: ما دعوتك إلا لتتكلم. قال: إنما أقول برأيي. قال: عن رأيك أسأل. فقلت: إني سمعت الله أكثر ذكر السبع، فذكر السموات سبعا، والأرضين سبعا حتى قال فيما قال: وما أنبتت الأرض سبعا. (فقلت) له: كل ما قد قلته عرفته غير هذا، ما تعني بقولك وما أنبتت سبعا؟ فقال: إن الله يقول: ( ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) فالحدائق: كل ملتف حديقة، والأب: ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس. فقال عمر: أعجزتم أن تقولوا مثلما قال هذا الغلام الذي لم (يستو سواء) رأسه;! ثم قال لي: كنت نهيتك أن تتكلم معهم; فإذا دعوتك فتكلم معهم". رواه إسحاق بن راهويه، ورجاله ثقات.

                                                                                                                                                                    [ 2372 / 2 ] وكذا أبو بكر بن أبي شيبة ولفظه: "إني رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها، ورأيت مسيح الضلالة، ورأيت رجلين يتلاحيان فحجزت بينهما فأنسيتهما، فأما ليلة القدر فاطلبوها في العشر الأواخر، وأما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة، ممسوح العين اليسرى، عريض النحر فيه دفا، كأنه فلان بن عبد العزى - أو عبد العزى بن فلان".

                                                                                                                                                                    [ 2372 / 3 ] وفي رواية له: "فذكرت هذا الحديث لابن عباس - يعني: في ليلة القدر - قال: وما أعجبك؟ سأل عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسألني مع الأكابر منهم ويقول: لا تتكلم حتى يتكلموا. فقال: لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: اطلبوها في العشر الأواخر وترا. ففي أي الوتر؟ فأكثر القوم في الوتر. قال: ما لك لا تتكلم يا ابن عباس ؟ قال: قلت: إن شئت تكلمت. قال: ما دعوتك إلا لتتكلم. قلت: رأيت الله أكثر من ذكر السبع، فذكرت السموات سبعا، والأرضين سبعا، والطواف والجمار سبعا - وذكر [ ص: 133 ] ما شاء الله - وخلق الإنسان من سبعة وجعل رزقه في سبع. فقال: كل ما ذكرت عرفته، فما خلق الإنسان من سبعة، وجعل رزقه في سبعة; قال: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر ) . ثم قرأ: ( أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) . قال: والأب ما تنبت الأرض مما لا يأكل الناس. وما أراه إلا ليلة ثلاث وعشرين لسبع يبقين. قال عمر رضي الله عنه: أعييتموني أن تأتوني بمثل ما جاء به هذا الغلام الذي لم تجمع شؤون رأسه؟!". ورواه أبو يعلى والبزار مختصرا بسند رجاله ثقات.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية