الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 82 ] وقوله : يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب أي : وأكواب من ذهب .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : الأكواب دون الأباريق ، وهي مدورة .

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : هي التي [لا آذان لها ، وهو مذهب أهل اللغة : أنها التي ] لا آذان لها ، ولا عرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وتلك الجنة التي أورثتموها : أشار الله عز وجل إلى {الجنة} بـ {تلك} : وإلى {جهنم} بـ {هذه} ؛ ليخوف بجهنم ، ويؤكد التحذير منها ، وجعلها بالإشارة القريبة كالحاضرة التي ينظر إليها ، قاله ابن خالويه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك أي : ليمتنا ، قال ابن عباس : يقولون ذلك ، فلا يجيبهم ألف سنة ، ثم يقول : إنكم ماكثون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون : قال مجاهد : المعنى : أم أجمعوا على كيد ؟ فإنا نكيدهم .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : أم أحكموا أمرا ينجيهم من عذابنا على قولهم ؟ فإنا نعذبهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : فإنا نظفرك بهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال : (أبرم الأمر ) ؛ إذا بالغ في إحكامه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 83 ] وقوله : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى أي : بل نسمع ذلك ، ورسلنا لديهم يكتبون : أي : يكتبون أعمالهم ، وروي : أن هذا نزل في ثلاثة كانوا بين الكعبة وأستارها ، فقال أحدهم : أترى أن الله يسمع كلامنا ؟ فقال الثاني : إذا جهرتم سمع ، وإذا أسررتم لم يسمع ، وقال الثالث : إن كان يسمع إذا أعلنتم ؛ فهو يسمع إذا أسررتم ، [قاله محمد بن كعب ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين : قال ابن عباس وغيره : المعنى : ما كان للرحمن ولد ، فـ {إن} بمعنى : (ما ) .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : المعنى : إن كان للرحمن ولد ؛ فأنا أول من عبده وحده على أنه لا ولد له .

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : المعنى : لو كان له ولد ؛ كنت أول من عبده على أن له ولدا ، ولكن لا ينبغي ذلك ، فـ {إن} على هذه الأقوال للشرط ، وهو الأجود ، وهو اختيار الطبري ؛ لأن كونها بمعنى : (ما ) يتوهم معه أن المعنى : لم يكن له ولد فيما مضى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 84 ] وقيل : إن معنى {العابدين} : الأنفين ، وقال بعض العلماء : لو كان كذلك ؛ لكان : (العبدين ) .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة : معناه : الجاحدين ، وحكي : (عبدني حقي ) ؛ أي : جحدني .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ وغيره ؛ المعنى : وهو الذي في السماء الله ، وفي الأرض الله ، وكذلك قرأ ؛ والمعنى : أنه يعبد فيهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة يعني : الآلهة ، عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير : يعني : المسيح ، وعزيرا ، والملائكة ، لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق ، وشهادة الحق : لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وقيله يا رب : من نصب ؛ فمعناه : ويسمع قيل الرسول ، فهو معطوف على أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ، أو يكون منصوبا على أنه مفعول [ ص: 85 ] (يعلمون ) المحذوف ؛ كأنه قال : يعلمون الحق ، ويعلمون قيله ، أو على أنه مفعول {يكتبون} ؛ أي : [ورسلنا لديهم يكتبون ذلك ] ، ويكتبون قيله ، أو محمول على معنى وعنده علم الساعة ؛ لأن معناه : يعلم الساعة ، ويعلم قيله ، أو على المصدر ؛ كأنه قال : ويقول قيله .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جره ؛ عطفه على لفظ {الساعة} ؛ التقدير : وعنده علم الساعة ، وعلم قيله .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع ؛ فالتقدير : وقيله مسموع ، أو يكون على تقدير : وقيله قيله : يا رب ، فحذف (قيله ) الذي هو خبر ، وموضع يا رب نصب بالخبر المضمر ، ولا يمتنع ذلك من حيث امتنع حذف بعض الموصول وبقاء بعضه ؛ لأن حذف القول قد كثر حتى صار بمنزلة المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      والهاء في {قيله} : لعيسى ، وقيل : لمحمد ، عليهما الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية