الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1039 124 - حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر وإبراهيم بن ميسرة عن أنس رضي الله عنه قال: صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ; لأن أنسا يخبر في حديثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر صلاته بعدما خرج من المدينة ، والترجمة هكذا، والمناسبة بينه وبين أثر علي رضي الله تعالى عنه المذكور من حيث إن أثر علي يدل على أن القصر يشرع بفراق الحضر ، وحديث أنس كذلك ; لأنه يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - ما قصر حتى فارق المدينة وكان قصره في ذي الحليفة لأنه كان أول منزل نزله ولم تحضر قبله صلاة، ولا يصح استدلال من استدل به على إباحة القصر في السفر القصير لكون بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال ; لأن ذا الحليفة لم تكن منتهى سفر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما خرج إليها يريد مكة فاتفق نزوله بها وكانت صلاة العصر أول صلاة حضرت بها فقصرها واستمر على ذلك إلى أن رجع.

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم خمسة:

                                                                                                                                                                                  الأول: أبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين .

                                                                                                                                                                                  الثاني: سفيان الثوري ، نص عليه المزي في الأطراف.

                                                                                                                                                                                  الثالث: محمد بن المنكدر بلفظ اسم الفاعل من الانكدار ابن عبد الله القرشي التيمي المدني ، مات سنة ثلاثين ومائة، قاله الواقدي .

                                                                                                                                                                                  الرابع: إبراهيم بن ميسرة ، ضد الميمنة، الطائفي المكي.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أنس بن مالك .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف [ ص: 132 ] إسناده )

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في موضعين وفيه القول في موضعين وفيه تابعيان يرويان عن صحابي وفيه أن شيخه كوفي وشيخ شيخه كذلك والثالث مدني والرابع مكي.

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره )

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري أيضا عن محمد بن المنكدر في "الحج" أيضا عن عبد الله بن محمد بن هشام بن يوسف ، وأخرجه أبو داود في "الصلاة" عن أحمد بن حنبل ، وهنا أخرجه البخاري عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس ، وأخرجه مسلم في "الصلاة" أيضا عن سعيد بن منصور ، وأخرجه أبو داود فيه عن زهير بن حرب ، وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة ، وكذلك أخرجه عنه النسائي ، لكن ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه )

                                                                                                                                                                                  قوله: " أربعا " أي: أربع ركعات ، هذا الذي على هذه الصورة رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره: " صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين " قال ابن حزم : والمراد بركعتين هي العصر كما جاء مبينا في رواية أخرى قال: وكان ذلك يوم الخميس لست ليال بقين من ذي القعدة، وابن سعيد يقول: يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة، وفي صحيح مسلم لخمس بقين من ذي القعدة وذلك لستة عشر للحج.

                                                                                                                                                                                  قوله: " والعصر " بالنصب، أي: صلاة العصر.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بذي الحليفة " ذو الحليفة ماء لبني جشم ، قال عياض : على سبعة أميال من المدينة ، قال ابن قرقول : ستة، وقال البكري : هي تصغير حلفة وهي ميقات أهل المدينة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستنبط منه ):

                                                                                                                                                                                  وفي التوضيح أورد الشافعي هذا الحديث مستدلا على أن من أراد سفرا وصلى قبل خروجه فإنه يتم كما فعله الشارع في الظهر بالمدينة ، وقد نوى السفر ثم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين، والحاصل أن من نوى السفر فلا يقصر حتى يفارق بيوت مصره ، وقد ذكرنا الخلاف فيه عن قريب مستقصى. وفيه حجة على من يقول: يقصر إذا أراد السفر ولو في بيته، وعلى مجاهد في قوله: لا يقصر حتى يدخل الليل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية