الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1165 246 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، [ ص: 300 ] عن سعيد المقبري قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: يقول الناس: أكثر أبو هريرة فلقيت رجلا، فقلت: بما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة ؟ فقال: لا أدري، فقلت: ألم تشهدها قال: بلى. قلت: لكن أنا أدري قرأ سورة كذا وكذا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن ذلك الرجل كان متفكرا في الصلاة بفكر دنيوي حتى لم يضبط ما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ويجوز أن يكون من حيث إن أبا هريرة كان متفكرا بأمر الصلاة حتى ضبط ما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة:

                                                                                                                                                                                  الأول: محمد بن المثنى بن عبيد أبو موسى المعروف بالزمن .

                                                                                                                                                                                  الثاني: عثمان بن عمر بن فارس العبدي .

                                                                                                                                                                                  الثالث: محمد بن عبد الرحمن أبي ذئب .

                                                                                                                                                                                  الرابع: سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وقد تكرر ذكره.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبو هريرة .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والإخبار بصيغة الجمع في موضع، وفيه العنعنة في موضع، وفيه القول في أربعة مواضع، وفيه أن شيخه، وشيخ شيخه بصريان، وابن أبي ذئب ، وسعيد مدنيان، وفيه: قال أبو هريرة . وفي رواية الإسماعيلي ، عن أبي هريرة ، وفيه أن هذا الحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (يقول الناس: أكثر أبو هريرة ) ، أي: من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى البيهقي في المدخل من طريق أبي مصعب ، عن محمد بن إبراهيم بن دينار ، عن ابن أبي ذئب بلفظ: إن الناس قالوا: قد أكثر أبو هريرة من الحديث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني كنت ألزمه لشبع بطني، فلقيت رجلا فقلت له: بأي سورة ... فذكر الحديث.

                                                                                                                                                                                  وعند الإسماعيلي من طريق ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب في أول هذا الحديث: حفظت من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعاءين . الحديث، وفيه أن الناس قالوا: أكثر أبو هريرة ، فذكره، وتقدم في العلم من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة ، والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدثت ، وسيأتي في أوائل البيوع من طريق سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة أكثر الحديث.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بم) ، بكسر الباء الموحدة بغير ألف لأبي ذر ، وهو المعروف، وفي رواية الأكثرين " بما " بإثبات الألف، وهو قليل.

                                                                                                                                                                                  قوله: (البارحة) نصب على الظرف، وهي الليلة الماضية.

                                                                                                                                                                                  قوله: (في العتمة) ، وهي العشاء الآخرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ألم تشهد) بهمزة الاستفهام، ويروى: لم تشهد بدون الهمزة.

                                                                                                                                                                                  (ومما يستفاد منه) إتقان أبي هريرة ، وشدة ضبطه ، وفيه إكثار أبي هريرة ، وهو ليس بعيب، إذا لم يخش منه قلة الضبط، ومن الناس من لا يكثر، ولا يضبط مثل هذا الرجل، لم يحفظ ما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم في العتمة، وفيه ما يدل على أنه قد يجوز أن ينفي الشيء عمن لم يحكمه; لأن أبا هريرة قال للرجل: ألم تشهدها ؟ يريد شهودا تاما، فقال الرجل: بلى شهدتها، كما يقال للصانع إذا لم يحسن صنعته: ما صنعت شيئا، يريدون الإتقان، وللمتكلم: ما قلت شيئا إذا لم يعلم ما يقول.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية