الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2988 حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن سعيد يعني الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد قال قال لي علي رضي الله عنه ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه قلت بلى قال إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم فقلت لو أتيت أباك فسألتيه خادما فأتته فوجدت عنده حداثا فرجعت فأتاها من الغد فقال ما كان حاجتك فسكتت فقلت أنا أحدثك يا رسول الله جرت بالرحى حتى أثرت في يدها وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه قال اتقي الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك واعملي عمل أهلك فإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثا وثلاثين واحمدي ثلاثا وثلاثين وكبري أربعا وثلاثين فتلك مائة فهي خير لك من خادم قالت رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين بهذه القصة قال ولم يخدمها

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن ابن أعبد ) : بفتح الهمزة وضم الموحدة بينهما عين مهملة ساكنة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل واسمه علي ( وكانت ) أي فاطمة رضي الله عنها ( من أحب أهله إليه ) أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( جرت بالرحى ) الجر الجذب والمراد من الجر بالرحى إدارتها ( واستقت ) من الاستقاء وهو بالفارسية كشيدن آب أزجاه ( بالقربة ) بالكسر هو بالفارسية مشك ( في نحرها ) أي أعلى صدرها ( وكنست البيت ) في الصراح كنس خانه روفتن من باب نصر ( حداثا ) أي رجالا يتحدثون وقال في المجمع : أي جماعة يتحدثون وهو جمع شاذ ( فأتاها ) أي أتى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت فاطمة رضي الله عنها ( فقلت ) القائل هو علي رضي الله عنه ( فتستخدمك ) أي تطلب منك ( خادما ) هو يطلق على العبد وعلى الجارية ( يقيها ) من الوقاية والجملة صفة لـ خادما ( حر ما هي فيه ) أي مشقة الأعمال التي فيها فاطمة . فالضمير المؤنث المرفوع لفاطمة رضي الله عنها . والضمير المجرور لما الموصولة .

                                                                      قال الحافظ في فتح الباري : قال القاضي إسماعيل : هذا الحديث يدل على أن للإمام [ ص: 167 ] أن يقسم الخمس حيث يرى لأن أربعة الأخماس استحقاق الغانمين ، والذي يختص بالإمام هو الخمس ، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وأعز الناس عليه من أقربيه وصرفه إلى غيرهم .

                                                                      وقال الطبري نحوه : لو كان سهم ذوي القربى قسما مفروضا لأخدم ابنته ولم يكن ليدع شيئا اختاره الله تعالى لها وامتن به على ذوي القربى . وكذا قال الطحاوي وزاد وإن أبا بكر وعمر أخذا بذلك وقسما جميع الخمس ولم يجعلا لذوي القربى منه حقا مخصوصا به ، بل بحسب ما يرى الإمام ، وكذلك فعل علي رضي الله عنه .

                                                                      قال الحافظ في الاستدلال بحديث علي هذا نظر لأنه يحتمل أن يكون ذلك من الفيء ، وأما خمس الخمس من الغنيمة فقد روى أبو داود من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال : قلت : يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس الحديث .

                                                                      وله من وجه آخر عنه : ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياته الحديث ، فيحتمل أن تكون قصة فاطمة وقعت قبل فرض الخمس والله أعلم وهو بعيد لأن قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية . نزلت في غزوة بدر ، وثبت أن الصحابة أخرجوا الخمس من أول غنيمة غنموها من المشركين ، فيحتمل أن حصة خمس الخمس وهو حق ذوي القربى من الفيء المذكور لم يبلغ قدر الرأس الذي طلبته فاطمة ، فكان حقها من ذلك يسيرا جدا يلزم منه أن لو أعطاها الرأس أثر في حق بقية المستحقين ممن ذكر . وأطال الحافظ الكلام فيه والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : ابن أعبد اسمه علي ، وقال علي بن المديني ليس بمعروف ولا أعرف له غير هذا . هذا آخر كلامه ، وقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه هذا الحديث بنحوه وسيجيء إن شاء الله تعالى في كتاب الأدب من كتابنا هذا . ( ولم يخدمها ) : من الإخدام أي لم يعطها خادما .




                                                                      الخدمات العلمية