الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها فيه بيان أن الله لا يكلف أحدا ما لا يطيق ؛ وهذا وإن كان قد علم بالعقل ؛ إذ كان تكليف ما لا يطاق قبيحا وسفها فإن الله ذكره في الكتاب تأكيدا لحكمه في العقل ، وقد تضمن معنى آخر من جهة الحكم وهو الإخبار بأنه إذا لم يقدر على النفقة لم يكلفه الله الإنفاق في هذه الحال ، وإذا لم يكلف الإنفاق في هذه الحال لم يجز التفريق بينه وبين امرأته لعجزه عن نفقتها ؛ وفي ذلك دليل على بطلان قول من فرق بين العاجز عن نفقة امرأته وبينها .

فإن قيل فقد آتاه الطلاق فعليه أن يطلق قيل له : قد بين به أنه لم يكلفه النفقة في هذه الحال فلا يجوز إجباره على الطلاق من أجلها ؛ لأن فيه إيجاب التفريق بشيء لم يجب وأيضا فإنه أخبر أنه لم يكلفه من الإنفاق إلا ما آتاه ، والطلاق ليس من الإنفاق ، فلم يدخل في اللفظ وأيضا إنما أراد أنه لا يكلفه ما لا يطيق ولم يرد أنه يكلفه كل ما يطيق ؛ لأن ذلك مفهوم من خطاب الآية و قوله تعالى : سيجعل الله بعد عسر يسرا يدل على أنه لا يفرق بينهما من أجل عجزه عن النفقة ؛ لأن العسر يرجى له اليسر .

آخر سورة الطلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية