الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وما علمناه الشعر وما ينبغي له حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر في قوله : وما علمناه الشعر وما ينبغي له قال : بلغني أن عائشة سئلت : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ فقالت : لا ، إلا ببيت أخي بني قيس بن طرفة :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود



قال : فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يأتيك من لم تزود بالأخبار . فقال أبو بكر : ليس هكذا يا رسول الله ، قال : إني لست بشاعر ولا ينبغي لي .

قال أبو بكر : لم يعط الله نبيه صلى الله عليه وسلم العلم بإنشاء الشعر ، لم يكن قد علمه الشعر ؛ لأنه الذي يعطي فطنة ذلك من يشاء من عباده ، وإنما لم يعط ذلك لئلا تدخل به الشبهة على قوم فيما أتى به من القرآن أنه قوي على ذلك بما في طبعه من الفطنة للشعر ؛ وإذا كان التأويل أنه لم يعطه الفطنة لقول الشعر لم يمتنع على ذلك أن ينشد شعرا لغيره ، إلا أنه لم يثبت من وجه صحيح أنه تمثل بشعر لغيره ، وإن كان قد روي أنه قال :

هل أنت إلا أصبع دميت     وفي سبيل الله ما لقيت

وقد روي أن القائل لذلك بعض الصحابة .

وأيضا فإن من أنشد شعرا لغيره أو قال بيتا أو بيتين لم يسم شاعرا ولا يطلق عليه أنه قد علم الشعر أو قد تعلمه ، ألا ترى أن من [ ص: 251 ] لا يحسن الرمي قد يصيب في بعض الأوقات برميته ولا يستحق بذلك أن يسمى راميا ولا أنه تعلم الرمي ؟ فكذلك من أنشد شعرا لغيره وأنشأ بيتا ونحوه لم يسم شاعرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية