الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : فاذكروا اسم الله عليها صواف روى يونس عن زياد قال : رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ راحلته فنحرها وهي باركة ، فقال : " انحرها قياما مقيدة سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم " .

وروى أيمن بن نابل عن طاوس قال في قوله تعالى : فاذكروا اسم الله عليها صواف " قياما " .

وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : من قرأ : " صواف " فهي قائمة مضمومة يداها ، ومن قرأ : " صوافن " قيام معقولة . وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : قرأها " صوافن " . قال : " معقولة ، يقول : بسم الله والله أكبر " .

وروى الأعمش عن أبي الضحى قال : سمعت ابن عباس وسئل عن هذه الآية صواف قال : " قياما معقولة " .

وروى جويبر عن الضحاك قال : كان ابن مسعود يقرأها : " صوافن " وصوافن أن يعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث .

وروى قتادة عن الحسن أنه قرأها : " صوافي " قال : " خالصة من الشرك " . وعن ابن عمر وعروة بن الزبير : " أنها تنحر مستقبلة القبلة " . قال أبو بكر : خلصت قراءة السلف لذلك على ثلاثة أنحاء :

أحدها : " صواف " بمعنى مصطفة قياما ، و " صوافي " [ ص: 81 ] بمعنى خالصة لله تعالى ، و " صوافن " بمعنى معقلة في قيامها . قوله تعالى : فإذا وجبت جنوبها روي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم : " إذا سقطت " وقال أهل اللغة : الوجوب هو السقوط ، ومنه : وجبت الشمس إذا سقطت للمغيب ، قال قيس بن الخطيم :

أطاعت بنو عوف أميرا نهاهم عن السلم حتى كان أول واجب

يعني : أول مقتول سقط على الأرض .

وكذلك البدن إذا نحرت قياما سقطت لجنوبها ، وهذا يدل على أنه قد أراد بقوله : " صواف " قياما ؛ لأنها إذا كانت باركة لا يقال إنها تسقط إلا بالإضافة فيقال سقطت لجنوبها ، وإذا كانت قائمة ثم نحرت فلا محالة يطلق عليها اسم السقوط ، وقد يقال للباركة إذا ماتت فانقلبت على الجنب إنها سقطت لجنبها ، فاللفظ محتمل للأمرين ، إلا أن أظهرهما أن تكون قائمة فتسقط لجنبها عند النحر . وقوله تعالى : فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها يدل على أنه قد أريد بوجوبها لجنوبها موتها ، فهذا يدل على أنه ليس المراد سقوطها فحسب ، وأنه إنما أراد سقوطها للموت فجعل وجوبها عبارة عن الموت ، وهذا يدل على أنه لا يجوز الأكل منها إلا بعد موتها ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ما بان من البهيمة وهي حية فهو ميتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية