الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ولا يجوز وطؤها بعد انقطاع الدم حتى تغتسل ؛ لأن الله تعالى قال : ( ولا تقربوهن حتى يطهرن ) أي : حتى ينقطع دمها ( فإذا تطهرن ) أي : [ ص: 464 ] اغتسلت بالماء ، وهكذا فسره ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي طلحة ، وكذلك قال مجاهد وغيره . وقال إسحاق بن راهويه " أجمع أهل العلم من التابعين على أن لا يطأها حتى تغتسل " وأكثر أهل الكوفة يقرؤون " حتى يطهرن " بالتشديد ، وكلهم يقرؤون الحرف الثاني " فإذا تطهرن " والتطهر إنما يكون فيما يتكلفه ويروم تحصيله وذلك لا يكون إلا في الاغتسال ، فأما انقطاع الدم فلا صنع لها فيه ولهذا لما قال : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) فهم منه الاغتسال ، فإن قيل : فعلى قراءة الأكثرين ينتهي النهي عن القراءتين بانقطاع الدم ؛ لأن الغاية هنا تدخل في المغيا لأنها بحرف (حتى) فإذا تم انقطاع الدم فقد انتهت الغاية ، قلنا : قبل الانقطاع النهي عن القربان المطلق ، فلا يباح بحال ، فإذا انقطع الدم زال ذلك التحريم المطلق ؛ لأنها قد صارت حينئذ مباحة إن اغتسلت ، حراما إن لم تغتسل ، ويبين هذا الشرط قوله ( فإذا تطهرن ) وبهذا تبين أن قراءة الأكثر أكثر فائدة وهذا كقوله تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) وأيضا فقد روي عن بضعة عشر من الصحابة ، منهم الخلفاء الراشدون أن المطلق أحق بزوجته حتى تغتسل من الحيضة الثالثة ، فإذا كان حدث الحيض موجب بقاء العدة فلأن يقتضي بقاء تحريم الوطء أولى وأحرى ، فإن لم تجد ماء تيممت ، فإن وجدت الماء عاد التحريم كما في التيمم للصلاة وغيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية