الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
شروط قبول الاجتهاد

تتمثل في ثلاثة شروط يجب توفرها في من يتصدى للاجتهاد، وبدونها لا يقبل اجتهاده، وإن كان قادرا على الفهم والاستنباط، وهذه الشروط الثلاثة هـي: الإسلام، والتكليف، والعدالة، ونتناولها بالشرح على النحو الآتي:

1 - الإسلام

يشترط في المجتهد أن يكون مسلما، لأن الاجتهاد عبادة، والإسلام شرط لصحة العبادة، وهو أيضا شرط قبول فتوى المرء واجتهاده، وليس شرطا في قدرة المرء على الاجتهاد، فقد يستطيع المرء أن يجتهد ويستنبط الأحكام وهو كافر، ولكن لا عبرة باجتهاده [1] ، يقول الآمدي : الشرط الأول: أن يعلم وجود الرب، وما يجب له من صفات، ويستحقه من الكمالات، وأنه واجب الوجود لذاته، حي عالم قادر مريد متكلم، حتى يتصور منه التكليف، وأن يكون مصدقا بالرسول عليه الصـلاة والسـلام، وما جاء به من الشرع المنقول [2] .

.وينقل الشاطبي في الموافقات عن النظام أنه أجاز وقوع الاجتهاد في الشريعة من غير المسلم، إذا كان الاجتهاد يبنى على مقدمات تفرض صحتها [3] ، وأجيب عليه بأن هـذا القول غير مستقيم، لأن الاجتهاد في الشريعة الإسلامية لا يسوغ إلا لمن كان مؤمنا بها، أما من لم يتشبع بروح التشريـع اعتقـادا وسلوكـا، لن يصـل إلى معرفـة الأحكـام على وجههـا [ ص: 61 ] الصحيح [4] .. فأساس الاجتهاد في الإسلام الإيمان بالوحي، وبصدق الموحى إليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن لم يؤمن بالوحي وصاحبه، فكيف يجتهد مستندا إلى أساس، وهو غير مسلم به.

2 - التكليف

يشترط في المجتهد أن يكون بالغا عاقلا، حتى يتمكن من فهـم النصـوص والاستنباط منهـا، وإدراك مقاصـد التشريـع على الوجـه الصحيح، ولا يتم ذلك لمجنون، ولا لمن ليس ببالغ، لعدم اكتمال ملكاته العقليـة التي يتـم بها الإدراك والتمييـز، ولذلك لا يتجـه إليـه التكليف، ولا يعتبر قوله، ولأن النضج العقلي أساس للاجتهاد، وغير المكلف غير مؤهل للنظر والاستنباط [5] .

3 - العدالة

العدالة شرط لقبول فتوى المجتهد والعمل بقوله، فلا تقبل فتوى الفاسق، ولا يعمل بقوله [6] . والعدالة: (هي ملكة في النفس، تحمل صاحبها على اجتناب الكبائر، وترك الإصرار على الصغائر، والبعد عما فيه خرم للمروءة) [7] ، وهي شروط لقبول الاجتهاد، فمن كان عدلا اطمأن القلب إلى تحريه، واستفراغه الوسع في طلب الدليل واستنباطه، وحرصه [ ص: 62 ] على مرضاة الله، ومن ليس عدلا وإن استطاع الاستنباط فلا يقبل اجتهاده، لأنه لا يطمئن إليه في ذلك [8] .

التالي السابق


الخدمات العلمية