الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  18748 أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت بجالة التميمي ، قال : وجد عمر بن الخطاب مصحفا في حجر غلام في المسجد فيه : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم " ، فقال : " احككها يا غلام " ، فقال : والله لا أحكها وهي في مصحف أبي بن كعب فانطلق إلى أبي فقال له : " إني شغلني القرآن ، وشغلك الصفق بالأسواق إذ تعرض رداءك على عنقك بباب ابن العجماء " ، قال : ولم يكن عمر يريد أن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف " أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر " ، قال : وكتب عمر إلى جزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس : " أن اقتل كل ساحر ، وفرق بين كل امرأة وحريمها في كتاب الله ، ولا يزمزمن " وذلك قبل أن يموت بسنة قال : فأرسلنا فوجدنا ثلاث سواحر ، فضربنا أعناقهن ، وجعلنا نسأل الرجل : من عندك ؟ فيقول : أمه ، أخته ، ابنته ، فيفرق بينهم ، وصنع جزء طعاما كثيرا ، وأعرض السيف في حجره ، وقال : لا يزمزمن أحد إلا ضربت عنقه ، فألقوا أخلة من فضة كانوا يأكلون بها ، حمل بغل ما سدهها ، قال : وأما شأن أبي بستان فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجندب : " جندب وما جندب يضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل " فإذا أبو بستان [ ص: 182 ] يلعب في أسفل الحصن عند الوليد بن عقبة وهو أمير الكوفة والناس يحسبون أنه على سور القصر - يعني وسط القصر - فقال جندب : ويلكم أيها الناس أما يلعب بكم ، والله إنه لفي أسفل القصر ، إنما هو في أسفل القصر ، ثم انطلق ، واشتمل على السيف ، ثم ضربه ، فمنهم من يقول : قتله ، ومنهم من يقول : لم يقتله ، وذهب عنه السحر ، فقال أبو بستان : قد نفعني الله بضربتك وسجنه الوليد بن عقبة وتنقص ابن أخيه أثية وكان فارس العرب حتى حمل على صاحب السجن فقتله وأخرجه فذلك قوله :


                                                                  أفي مضرب السحار يسجن جندب ويقتل أصحاب النبي الأوائل     فإن يك ظني بابن سلمى ورهطه
                                                                  هو الحق يطلق جندب أو يقاتل

                                                                  .

                                                                  فنال من عثمان في قصيدته هذه ، فانطلق إلى أرض الروم ، فلم يزل بها يقاتل ، حتى مات لعشر سنوات مضين ، من خلافة معاوية وكان معاوية يقول : " ما أحد بأعز علي من أثية ، نفاه عثمان فلا أستطيع [ ص: 183 ] أؤمنه ولا أرده

                                                                  " قال عبد الرزاق : " وأثية الذي قال الشعر وضرب أبا بستان الساحر " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية