الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3122 وقال مجاهد وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال كفار قريش الملائكة بنات الله وأمهاتهم بنات سروات الجن قال الله ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ستحضر للحساب جند محضرون عند الحساب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي قال مجاهد في تفسير قوله تعالى : وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا أن كفار قريش قالوا إن الملائكة بنات الله وأمهات الملائكة هن بنات سروات الجن " أي ساداتهم والسروات جمع سراة جمع سري وهو نادر شاذ ; لأن فعلات لا يجمع على فعلة كذا قاله صاحب التوضيح وليس كذلك ، والصواب ما قاله الجوهري : السرو : سخاء في مروءة يقال : سرا يسرو وسري بالكسر يسري سروا فيهما ، وسرو يسرو سراوة ، أي صار سريا ، وجمع السري سراة ، وهو جمع عزيز أن يجمع فعيل على فعلة ، ولا يعرف غيره ، وجمع السراة سراوات ، وأثر مجاهد المعلق أخرجه ابن جرير من حديث ابن أبي نجيح عنه بزيادة ، فقال أبو بكر : فمن أمهاتهن ، فقالوا : بنات سروات الجن يحسبون أنهم خلقوا مما خلق منه إبليس لعنه الله ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ووقع هاهنا أمهاتهن ، والصواب أمهاتهم مثل ما وقع في رواية البخاري . قوله : قال الله تعالى : ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون وقبله وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا أي جعل مشركو مكة بينه ، أي بين الله وبين الجنة نسبا وهو زعمهم أن الملائكة بنات الله سموا الملائكة جنة لاجتنانهم عن الأبصار ، والمعنى جعلوا بما قالوه نسبة بين الله وبين الملائكة وأثبتوا بذلك جنسية جامعة لله وللملائكة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وقال الكلبي : قالوا لعنهم الله بل تزوج من الجن ، فخرج منها الملائكة يقال لهم الجن ، ومنهم إبليس هم بنات الله ، تعالى الله عن ذلك ، وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة الله ، فهو النسب الذي [ ص: 186 ] جعلوه . قوله : ولقد علمت الجنة إنهم أي إن قائلي هذا القول " لمحضرون " في النار ، وإذا فسرت الجنة بالشياطين يجوز أن يكون الضمير في " إنهم " للشياطين ، والمعنى : ولقد علمت الشياطين إنهم لمحضرون ، يعني أن الله يحضرهم في النار ويعذبهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " جند محضرون " هذا في آخر سورة يس ، ولا تعلق له بالجن ، لكن ذكره لمناسبة الإحضار للحساب ، وأول الآية واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون أشار الله تعالى بهذه الآية إلى زيادة ضلالهم ونهايتها ، فإنه كان الواجب عليهم عبادة الله شكرا لأنعمه ، فكفروها ، وأقبلوا على عبادة من لا يضرهم ولا ينفعهم لعلهم ينصرون أي ليمنعهم من عذاب الله ، ولا يكون ذلك ولا يستطيعون نصرهم أي خاب أملهم ، والأمر على خلاف ما توهموا وتوقعوا وهم لهم جند محضرون لعذابهم ; لأنهم مع أوثانهم في النار فلا يدفع بعضهم عن بعض النار ، لأنهم يجعلون وقود النار .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : ويحتمل أن يقال لفظ آلهة في الآية متناول للجن ، لأنهم أيضا اتخذوهم معابيد ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : كأنه أشار بهذا إلى وجه مناسبة ذكر قوله : " جند محضرون " هاهنا بما ذكره هو ، وقال بعضهم : وقع في رواية الكشميهني " جند محضر " بالإفراد .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : الصواب محضرون ; لأن القرآن هكذا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية