الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3147 124 - حدثنا عبد الله بن مسلمة قال : حدثنا سليمان قال : أخبرني يزيد بن خصيفة قال : أخبرني السائب بن يزيد ، سمع سفيان بن أبي زهير الشنئي ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط ، فقال السائب : أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : إي ورب هذه القبلة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  الحديث مر في كتاب المزارعة في باب اقتناء الكلب للزراعة ، وسليمان هو ابن بلال أبو أيوب ، ويزيد من الزيادة ابن خصيفة بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء ، وقد مر فيما مضى ، والسائب من السيب ابن يزيد من الزيادة ، مر في الوضوء ، والشنئي بفتح الشين المعجمة وبالنون والهمزة نسبة إلى شنوءة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إي " بكسر الهمزة وسكون الياء حرف جواب بمعنى نعم ، فيكون لتصديق الخبر ، ولإعلام المستخبر ، ولوعد الطالب ، وزعم ابن الحاجب أنها إنما تقع بعد الاستفهام ، واتفق الجميع على أنها لا تقع إلا قبل القسم ، كما وقع هنا قبل قوله : " ورب هذه القبلة " ، وقال الكرماني : ( فإن قلت ) : لا تعلق لبعض هذه الأحاديث بترجمة الباب ( قلت ) : هذا آخر كتاب البدء ، فذكر فيه ما ثبت عنده مما يتعلق بالمخلوقات ، وذكر صاحب التوضيح أن ذكر أحاديث الكلب هنا لما أتى عن ابن عباس وغيره أنها من الجن ، والترجمة قريبة من الجن ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : أما ما ذكره الكرماني فبعيد جدا ; لأنه لا تعلق لها أصلا بالترجمة ، وكونها مما يتعلق بالمخلوقات لا يقتضي المناسبة لذكرها في هذه الترجمة ، وهذا بعيد جدا ، وأما ما ذكره صاحب التوضيح فأبعد منه جدا ; لأن كونها من الجن يقتضي ذكرها في باب الجن ، وكيف يكون قرب هذه من باب ذكر الجن ، وبينه وبين الترجمة المذكورة ثلاثة أبواب ، وبمثل هذا لا تقع المطابقة ؟ والجواب الموجه ما ذكرناه ، وهو أن هذه الترجمة ، وهي قوله : ( باب إذا وقع الذباب [ ص: 204 ] في شراب أحدكم ) إلى آخره ليس بموجود عند الأكثرين من الرواة ، فحينئذ تقع المطابقة بين هذه الأحاديث الأربعة المذكورة في هذا الباب ، وبين الترجمة السابقة عليه ، وهي قوله : ( باب قول الله تعالى : وبث فيها من كل دابة ، وقوله : ( باب خير مال المسلم ) ، ( وباب خمس من الدواب ) داخلان في باب قول الله تعالى : وبث فيها من كل دابة .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : فعلى هذا حديث الذباب لا يبقى له شيء من المطابقة لشيء من الأبواب ، ( قلت ) : قيل : مطابقته لقوله : ( باب إذا وقع الذباب ) ظاهرة جدا ، لكن يتوجه الجواب في ذلك على من لا يرى وجود هذا الباب ، وأما أبو ذر الذي روى عن مشايخه وجود هذا الباب فقد قالوا : لم يقع هذا إلا في آخر الأبواب المتقدمة كلها ، فإن صح هذا أنه وقع في آخر الأبواب كلها بابا مستقلا فلا كلام فيه ، فإنه باب مترجم بشيء يطابق حديثه إياه ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية