الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2978 54 - حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، قال : حدثنا الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك أن ناسا من الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال هوازن ما أفاء فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل ، فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ، قال أنس : فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم أحدا غيرهم ، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما كان حديث بلغني عنكم ؟ قال له فقهاؤهم : أما ذوو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا ، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أعطي رجالا حديث عهدهم بكفر ، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فو الله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قد رضينا . فقال لهم : إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الحوض . قال أنس : فلم نصبر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو اليمان الحكم بن نافع .

                                                                                                                                                                                  قوله " فطفق " بمعنى أخذ في الفعل ، وجعل يفعل وهو من أفعال المقاربة ، قوله " المائة من الإبل " ذكر ابن إسحاق الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مائة من الإبل يتألفهم ويتألف بهم قومهم هم أبو سفيان صخر بن حرب ، وابنه معاوية ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن الحارث بن كلدة ، والحارث بن هشام ، وسهل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، والعلاء بن حارثة الثقفي ، وعيينة بن حصن ، وصفوان بن أمية ، والأقرع بن حابس ، ومالك بن عوف النصري .

                                                                                                                                                                                  فهؤلاء أصحاب المئين ، وأعطى دون المائة رجالا من قريش منهم مخرمة بن نوفل الزهري ، وعمير بن وهب الجمحي ، وهشام بن عمر ، وأخو بني عامر . قال ابن إسحاق : لا أحفظ ما أعطاهم ، وقد عرفت أنها دون المائة ، وأعطى سعد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل والسهمي كذلك .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن هشام : واسمه عدي بن قيس ، وأعطى عباس بن مرداس أباعر قليلة .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : إنهم فوق الأربعين ، وعد منهم عكرمة بن أبي جهل .

                                                                                                                                                                                  قوله " فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم " على صيغة المجهول ، أي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله أناس من الأنصار .

                                                                                                                                                                                  قوله " فقهاؤهم " أي أصحاب الفهم والعلم ، واشتقاق الفقه في الأصل من الفهم وليس المراد منه ما جعله العرف خاصا بعلم الشريعة وتخصيصا بعلم [ ص: 73 ] الفروع منها .

                                                                                                                                                                                  قوله " أما ذوو رأينا " أي أما أصحاب رأينا الذين ترجع إليهم الأمور فلم يقولوا شيئا من ذلك ، قوله " حديثة أسنانهم " أرادوا بهم الشبان الجهال الذين ما تمكنوا من القول بالصواب ، وقوله " أسنانهم " مرفوع بحديثة ، قوله " إلى رحالكم " هو جمع الرحل وهو مسكن الرجل وما يستصحبه من المتاع ، قوله " خير " أي رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من المال ، قوله " أثرة " بفتح الهمزة والثاء المثلثة وهو اسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى ، يقال : استأثر فلان بالشيء أي استبد به وأراد استقلال الأمراء بالأموال وحرمانكم منها ، وهذا مر في كتاب الشرب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية