الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                443 444 ص: فإن احتج في ذلك بما حدثنا ربيع الجيزي، قال: نا إسماعيل بن أبي أويس، قال: نا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي ، عن عمر بن شريح ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

                                                حدثنا ابن أبي داود قال: نا الفروي إسحاق بن محمد [ 1 \ق123-أ] قال: نا إبراهيم ...... فذكر مثله بإسناده.

                                                قيل له: أنتم لا تسوغون خصمكم أن يحتج عليكم بمثل عمر بن سريح، فكيف تحتجون به أنتم عليه؟ ثم ذلك أيضا في نفسه منكر؛ لأن عروة لما أخبره مروان عن بسرة بما أخبره به من ذلك، لم يكن عرفه قبل ذلك لا عن عائشة ولا عن غيرها.

                                                [ ص: 100 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 100 ] ش: أي فإن احتج الخصم في انتقاض الوضوء من مس الذكر بحديث عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - عليه السلام - يقال: في جوابه وجهان أيضا:

                                                الأول: إنكم لا تسوغون -أي لا تجوزون- لخصمكم أن يحتج عليكم بمثل (عمرو بن شريج) الحضرمي فكيف أنتم تحتجون به على خصمكم وهو قلب الموضوع كما ذكرنا؟

                                                فإن قلت: لم عين الطحاوي (عمر بن شريج) وفي إسناده غيره من الضعفاء كإسماعيل بن أبي أويس، فإن يحيى ضعفه وبالغ فيه النسائي وإن كان قد روى عنه الشيخان، وإبراهيم بن إسماعيل قال البخاري فيه: منكر الحديث.

                                                وإسحاق بن محمد الفروي، قال النسائي فيه: ليس بثقة. وضعفه أبو داود جدا وكذا الدارقطني؟

                                                قلت: لأن الخصم معترف بضعف (عمر بن شريج) فلذلك عينه.

                                                الثاني: أن هذا الحديث في نفسه منكر؛ لأن عروة بن الزبير لما أخبره مروان بن الحكم عن بسرة لم يكن عروة عرف هذا الحكم قبل هذا، لا عن عائشة ولا عن غيرها، فلو كان سمعه من عائشة قبل هذا لما أنكر على مروان خبره عن بسرة.

                                                ثم إنه أخرج هذا الحديث عن طريقين:

                                                الأول: عن ربيع بن سليمان الجيزي ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن إبراهيم ابن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي المدني ، عن (عمر بن شريج) الحضرمي ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة.

                                                [ ص: 101 ] والثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة الفروي المدني ، عن إبراهيم بن إسماعيل ... إلى آخره.

                                                والإسنادان كلاهما ضعيف، والفروي -بفتح الفاء وسكون الراء- نسبة إلى جده أبي فروة، لا يقال: إنه روي عن عائشة من غير هذا الطريق، رواه الدارقطني؛ لأنا قد قلنا: إن في سنده كذابا، مع أنه روي عنها ما يخالف هذه الرواية، وقد بيناه فيما مضى.




                                                الخدمات العلمية