الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم استدل الرازي بثلاثة أوجه:

"أحدها: أن صفاته صفات كمال، فحدوثها يوجب [ ص: 211 ] نقصانه، يعني قبل حدوثها، والإضافات لا وجود لها في الأعيان، دفعا للتسلسل، فلا يرد نقصا".

ولقائل أن يقول: هذا الدليل قد تقدم الكلام عليه، والمنازع لا يسمي ذلك صفة، وإن وصف الموصوف بنوع ذلك، فليس كل فرد من الأفراد صفة كمال مستحقة القدم، يحيث يكون عدمها في الأزل نقصا، وما اقتضت الحكمة حدوثه في وقت لم يكن عدمه قبل ذلك نقصا، بل الكمال عدمه حيث لا تقتضي الحكمة وجود حدوثه، ووجوده حيث اقتضت الحكمة وجوده، كالحوداث المنفصلة، فليس عدم كل شيء نقصا عما عدم منه.

وأيضا فالحوادث لا يمكن وجودها إلا متعاقبة، وقدمها ممتنع وكان ممتنع الوجود لم يكن عدمه نقصا، والتسلسل المذكور هو التسلسل في الآثار والشروط ونحوها، وهذا فيه قولان مشهوران، فالمنازع قد يختار جوازه، لا سيما من يقول: إن الرب لم يزل فاعلا متكلما إذا شاء.

"الثاني: لو كانت ذاته قابلة للحوادث لكانت تلك القابلية من [ ص: 212 ] لوازمها، وأزلية القابلية توجب صحة وجود المقبول أزلا ؛ لأن قابلية الشيء للغير نسبة بينهما، والنسبة بين الشيئين موقوفة عليهما، لكن وجود الحوادث في الأزل محال، ولا يلزم علينا القدرة الأزلية ؛ لأن تقدم القدرة على المقدور واجب، دون تقدم القابل على المقبول".

قال الأرموي: "ولقائل أن يقول: ما ذكرتم بتقدير التسليم يقتضي أزلية صحة وجود الحوادث، لا صحة أزلية وجود الحوادث، وقد عرفت الفرق بينهما في مسألة الحدوث، والفرق المذكور - إن صح - أغنى عن الدليل السابق، وإلا نفى النقص، وأيضا إذا صح الفرق، مع أن الدليل المذكور ينفيه، لزم بطلان الدليل".

التالي السابق


الخدمات العلمية