الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5089 31 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا حماد، حدثنا أيوب، عن محمد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تعرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتفا، ثم قام فصلى ولم يتوضأ. وعن أيوب وعاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: انتشل النبي - صلى الله عليه وسلم - عرقا من قدر فأكل، ثم صلى ولم يتوضأ.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة، ويمكن أن تؤخذ المطابقة للجزء الأول من قوله: "تعرق" من حيث حاصل المعنى لا من حيث اللفظ، وذلك لأن معنى "تعرق كتفا" تناول اللحم الذي عليه، والنهس أيضاتناول اللحم بالفم وإزالته من العظم، كما ذكرناه.

                                                                                                                                                                                  وحماد هو ابن زيد، وأيوب هو السختياني، ومحمد هو ابن سيرين، وقال يحيى بن معين : لم يسمع محمد من ابن عباس، إنما روى عن عكرمة عنه، وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه : لم يسمع محمد من ابن عباس، يقول في كلها: بلغت عن ابن عباس، وقال ابن المديني: قال شعبة : أحاديث محمد عن ابن عباس إنما سمعها من عكرمة، لقيه أيام المختار بن أبي عبيد، ولم يسمع محمد من ابن عباس شيئا، قيل: ما له في البخاري غيره عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                  وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن عيسى بن الطباع، عن [ ص: 48 ] حماد بن زيد، فأدخل بين محمد بن سيرين وابن عباس عكرمة، وإنما صح عنده لمجيئه بالطريق الأخرى الثابتة، فأورده على الوجه الذي سمعه.

                                                                                                                                                                                  قلت: غرض هذا القائل دفع من يدعي انقطاع ما أخرجه البخاري هاهنا، ولكن ما يجديه ذلك كما ينبغي على ما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "تعرق" على وزن تفعل بالتشديد، أي: أكل ما كان من اللحم على الكتف، ويوضحه ما رواه في كتاب الطهارة من حديث عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: روى مسلم من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بهدية خبز ولحم فأكل ثلاث لقم... الحديث.

                                                                                                                                                                                  قلت: الظاهر تعدد القضية، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وعن أيوب وعاصم"... إلى آخره، أيوب هو السختياني المذكور، وعاصم هو ابن سليمان الأحول البصري ذكره صاحب التوضيح، والتعليق عن أيوب ذكره صاحب الأطراف أن البخاري رواه في الأطعمة عن عبد الله بن عبد الوهاب، عن حماد عنه، وعن عاصم كلاهما عن عكرمة، وتبعه على ذلك صاحب التوضيح، وقال بعضهم: قوله "وعن أيوب" معطوف على السند الذي قبله، وأخطأ من زعم أنه معلق، وقد أورده أبو نعيم في المستخرج من طريق الفضل بن الحارث، عن الحجبي، وهو عبد الله بن عبد الوهاب شيخ البخاري فيه بالسند المذكور، وحاصله أن الحديث عند حماد بن زيد، عن أيوب بسندين على لفظين: أحدهما عن ابن سيرين باللفظ الأول، والثاني عنه عن عكرمة وعاصم الأحول باللفظ الثاني، انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: الظاهر أن هذا القائل هو الذي أخطأ في دعواه الاتصال; لأن في مقاله رواية الحديث بسندين مختلفين بسند واحد، فلا يتجه ذلك على ما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "انتشل" قد مر تفسيره الآن.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية