الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والسوم على سوم غيره ) ولو ذميا لخبر { لا يسوم الرجل على سوم أخيه } وهو خبر بمعنى النهي والمعنى فيه الإيذاء ، وذكر الرجل والأخ [ ص: 468 ] للغالب في الأول وللعطف والرأفة عليه في الثاني فغيرهما مثلهما في ذلك ( وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن ) بتصريحهما بالتوافق على شيء معين وإن كان أنقص من قيمته ولم يقع عقد كقوله لمريد شراء شيء بكذا لا تأخذه وأنا أبيعك خيرا منه بهذا الثمن أو أقل منه أو مثله بأقل ، أو يقول لمالكه استرده لأشتريه منك بأكثر أو يعرض على مريد الشراء أو غيره بحضرته مثل السلعة بأنقص أو أجود منها بمثل الثمن ، والأوجه أن محل هذا في عرض عين تغني عن المبيع عادة لمشابهتها له في الغرض المقصودة لأجله وأنه لو قامت قرينة ظاهرة على عدم ردها لا حرمة بخلاف ما لو انتفى ذلك أو كان يطاف به رغبة في الزيادة فتجوز الزيادة فيه ، لا بقصد إضرار أحد لكن يكره فيما لو عرض له بالإجابة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والسوم ) هو بالجر عطف على قوله كبيع حاضر إلخ وسماه بيعا لكونه وسيلة له ( قوله : ولو ذميا ) مثله المعاهد والمؤمن وخرج به الحربي والمرتد فلا يحرم ومثلهما الزاني المحصن بعد ثبوت ذلك عليه وتارك الصلاة بعد أمر الإمام ، ويحتمل أن يقال بالحرمة ; لأن لهما احتراما في الجملة ( قوله وهو خبر ) أي فلا يقال [ ص: 468 ] السوم على السوم يقع من الناس كثيرا وعليه فيلزم الخلف في كلامه ( قوله : في الثاني ) أي أخيه ( قوله : بعد استقرار الثمن ) وقع السؤال في الدرس عما يقع كثيرا بأسواق مصر من أن مريد البيع يدفع متاعه للدلال فيطوف به ثم يرجع إليه ويقول له استقر سعر متاعك على كذا فيأذن له في البيع بذلك القدر هل يحرم على غيره شراؤه بذلك السعر أو بأزيد أم لا ؟ فيه نظر . والجواب عنه بأن الظاهر الثاني ; لأنه لم يتحقق قصد الضرر حيث لم يعين المشتري ، بل لا يبعد عدم التحريم وإن عينه ; لأن مثل ذلك ليس تصريحا بالموافقة على البيع لعدم المخاطبة من البائع والواسطة للمشتري ( قوله : ولم يقع عقد ) الأولى إسقاط هذه ; لأنه مع وجود العقد لا يكون من السوم على السوم ( قوله : لأشتريه منك بأكثر ) مثله كل ما يحمل على الاسترداد كنقد آخر كما هو ظاهر سم على منهج . أقول : وشمل ما لو أشار له بما يحمله على ذلك وهو ظاهر لوجود العلة ، وكذا يقال في جميع ما يأتي ، وعليه فالإشارة هنا ولو من الناطق كاللفظ ، ولا يشكل ذلك بتصريحهم بأن إشارة الناطق لغو إلا فيما استثنى ; لأن ذلك بالإشارة بالعقد أو الحل بمعنى أنه لا يصح بها بيع ولا شراء ولا يقع بها طلاق ولا عتق وما هنا ليس من ذلك ، قال المحلي : ولو باع أو اشترى صح ا هـ .

                                                                                                                            وظاهره الصحة مع الحرمة ويوجه بوجود العلة فيه وهي الإيذاء ( قوله : أن محل هذا ) أي تحريم العرض ( قوله : ما لو انتفى ذلك ) أي الاستقرار ( قوله : فتجوز الزيادة ) أي والحال أنه يريد الشراء كما هو ظاهر وإلا حرمت الزيادة ; لأنها من النجش الآتي ، بل يحرم على من لم يرد الشراء أخذ المتاع الذي يطاف به لمجرد التفرج عليه ; لأن صاحبه إنما يأذن عادة في تقليبه لمريد الشراء ويدخل في ضمانه بمجرد ذلك حتى لو تلف في يد غيره كان طريقا في الضمان ; لأنه غاصب بوضع يده عليه فليتنبه له فإنه يقع كثيرا ( قوله لا بقصد إضرار ) قضيته أنه لو زاد على نية أخذها لا لغرض بل لإضرار غيره حرم فليتأمل ، ومع ذلك لا يحرم على المالك بيع الطالب بتلك الزيادة أما لو زاد على نية الأخذ بل لمجرد إضرار الغير فهو من النجش الآتي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية