الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما المقدمة الثانية فلأن كل [ ص: 352 ] جسم متناه، فلا بد له من مقدار معين، وأن يحيط به حد واحد كالكري، أو حدود كالمضلع، وهو المعني بالشكل، وأن يكون في حيز بحيث يمكن أن يشار إليه بأنه ههنا أو هناك.

وهذا كله معلوم بالضرورة، وكل ما له شكل ومقدار وحيز معين فلا بد له من مخصص يخصصه به.

وبرهانه: أنه ما من جسم إلا ويعلم بالضرورة أنه يجوز أن يكون على مقدار أكبر أو أصغر مما هو عليه، أو شكل غير شكله، وحيز غير حيزه، إما متيامنا عنه أو متياسرا، وإذا كان كذلك فلا بد له من مخصص بما يخصص به، وإلا كان أحد الجائزين واقعا من غير مخصص، وهو محال.

الطريق الثاني: أن جواهر العالم إما أن تكون مجتمعة أو متفرقة، أو مجتمعة ومتفرقة معا، أو لا مجتمعة ولا متفرقة، أو البعض [ ص: 353 ] مجتمعا والبعض متفرقا، لا جائز أن يقال بالاجتماع والافتراق معا، ولا أنها غير مجتمعة ولا مفترقة معا، إذ هو ظاهر الإحالة، فلم يبق إلا أحد الأقسام الأخر، وأي قسم منها قدر أمكن في العقل فرض الأجسام على خلافه، فيكون ذلك جائزا لها، ولا بد لها من مخصص يخصصها به لما تقدم في الطريق الأول.

التالي السابق


الخدمات العلمية