الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  3430 - حدثنا محمد بن عبدة المصيصي ، ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، ثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، حدثني الحارث الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فكان يبطئ ، فقال له عيسى : إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما تأمرهم بهن ، وإما أن أقوم أنا فآمرهم بهن . قال يحيى : إنك إن سبقتني بهن خفت أن أعذب أو يخسف بي ، [ ص: 288 ] فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات ، فوعظ الناس ثم قال : إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن .

                                                                  أولهن : أن لا تشركوا بالله شيئا ، فإن من أشرك بالله شيئا فمثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ، فقال : هذه داري وعملي فأد عملك ، فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده ، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله إلى غير سيده ، وإن الله عز وجل هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئا .

                                                                  وإن الله أمركم بالصلاة ، فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا ، فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده إذا قام يصلي ، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو يصرف .

                                                                  وأمركم بالصيام ، فإن مثل الصائم مثل رجل معه صرة مسك فهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره ، كلهم يشتهي أن يجد ريحها ، وإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .

                                                                  وأمركم بالصدقة ، فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروه فشدوا يده إلى عنقه فقدموه ليضربوا عنقه ، فقال : لا تقتلوني ، فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال ، فأرسلوه ، فجعل يجمع لهم حتى فدى نفسه ، فكذلك الصدقة يفتدي بها العبد نفسه من عذاب الله .

                                                                  وأمركم بكثرة ذكر الله ، وإن مثل ذلك كمثل رجل ظلمه العدو فانطلقوا في طلبه سراعا ، وانطلق حتى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه ، وكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله "
                                                                  .

                                                                  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ، فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ، [ ص: 289 ] ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثاء جهنم " . قيل : يا رسول الله ، وإن صلى وصام ؟ قال : " نعم ، وإن صلى وصام ، فادعوا بدعوى الله التي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية