الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فإن كان فيها ) أي في جناية المكاتب ( ما يوجب القصاص فلمستحقه استيفاؤه ) لعدم المانع ( وتبطل حقوق ) المجني عليهم ( الآخرين ) المعلقة برقبته لفوات المحل ( إن كان ) القصاص ( في النفس ) بخلاف ما إذا كان في الطرف ( وإن عفا ) من وجب له القصاص ( على مال ) جاز ، و ( صار حكمه حكم الجناية الموجبة للمال ) فيتعلق برقبته ويستوي وليها مع المجني عليه خطأ ( فإن ) بادر المكاتب و ( أدى ) للسيد دين الكتابة ولم يكن ولي الجناية سأل الحاكم الحجر عليه وأجابه صح ( وعتق ) لصحة الأداء لأنه قضى حقا واجبا عليه فصح قضاؤه كما لو قضى المفلس بعض غرمائه قبل الحجر عليه .

                                                                                                                      وحيث تقرر ذلك ( فالضمان ) لأرش الجناية ( عليه ) أي استقر في ذمته لأنه كان واجبا قبل العتق فكذلك بعده ( وإن أعتقه سيده ) فالضمان عليه ( أو قتله ) سيده ( فالضمان عليه ) أي ضمان ما كان على المكاتب من أقل الأمرين على سيده لأنه بقتله أو عتقه فوت على ولي الجناية محل تعلقها وهو رقبة الجاني ، فلزمه ما كان واجبا على الجاني ( وإن عجزه ) أي عجز المكاتب الجاني سيده لعجزه عن وفاء مال الكتابة ( فعاد قنا خير ) سيده ( بين فدائه ) بالأقل من أرش الجناية أو قيمته ( و ) بين ( تسليمه ) لولي الجناية وبين بيعه فيها كما لو لم يكن مكاتبا .

                                                                                                                      ( وإذا كان أرش الجناية للسيد ) بأن كانت الجناية عليه أو على ماله ، أو ورث أرشها عن المجني عليه ( وعجزه ) سيده لعجزه عن الوفاء ( سقط عنه مال الكتابة وأرش الجناية ) لأنه لا يجب له على قنه مال لأنه لو وجب لكان عليه .

                                                                                                                      ( وإن بدأ المكاتب ) الجاني على غير سيده ( فدفع مال الكتابة إلى سيده وكان ولي الجناية سأل الحاكم ) أن يحجر عليه ( فحجر عليه لم يصح دفعه إلى سيده ) لأن النظر فيه صار للحاكم كمال المحجور عليه لفلس ( ويرتجعه ) الحاكم ( ويسلمه إلى ولي الجناية ) لأن أرش الجناية مقدم على دين الكتابة ، لأن أرش الجناية مستقر ودين الكتابة غير مستقر ( فإن وفى ) ما بيد المكاتب ( بما لزمه ) أي المكاتب ( من أرشها ) أي الجناية سقط الطلب به عنه ( وإلا باع الحاكم منه ) بقدر ( ما بقي ) عليه من أرش الجناية ( وباقيه ) أي المكاتب ( باق على كتابته ) لعدم ما ينافيه .

                                                                                                                      ( فإن أدى ) المكاتب ( عتق بالكتابة وسرى العتق إلى باقيه إن كان السيد موسرا ) بقيمة ما بيع منه في الجناية ويغرم قيمته لشريكه لحديث ابن عمر في السراية السابق فيمن أعتق شركا له من عبد ، وإن كان معسرا عتق نصيبه فقط وإن [ ص: 552 ] أيسر بالبعض عتق بقدر ما هو موسر به .

                                                                                                                      ( وإن لم يكن الحاكم حجر عليه ) أي المكاتب الجاني وبادر وأدى إلى سيده مال الكتابة قبل أرش الجناية ( صح دفعه إلى السيد ) وعتق لأنه يقضي حقا عليه أشبه ما لو قضى بعض غرمائه قبل الحجر عليه واستقر ضمان أرش الجناية عليه وتقدم .

                                                                                                                      ( والواجب في الفداء ) أي فداء المكاتب ( أقل الأمرين من قيمته ) أي المكاتب إن كان أرش الجناية أكثر من قيمته ( أو أرش جنايته ) إن كان أقل من قيمته لأن الزيادة مع كون الأرش أكثر من قيمته لا موضع لها ، وإن كان أقل لم يكن للمجني عليه أكثر من أرشها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية