الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله: «لأن وجود المعدوم هو خروج ما بالقوة إلى الفعل، وكذلك الأمر في الحركة والمتحرك».

فيقال له: غاية هذا أنهما يشتركان في أمر من الأمور، فمن أين يلزم إذا اشتركا في أمر ما أن يشتركا في غيره مع ظهور الفرق؟ فإن قوله: [ ص: 410 ] «وجود المعدوم هو خروج ما بالقوة إلى الفعل» لا يجوز أن يراد به أن نفس المعدوم كان فيه قوة هي مبدأ وجوده، فإن المعدوم ليس في شيء ولا فيه شيء.

وإنما يقال: إن ما منه وجد المعدوم كان فيه قوة وجوده، كما في النطفة قوة أن تصير علقة، وفي الحبة قوة أن تصير سنبلة، وفي النواة قوة أن تصير نخلة، فالذي فيه القوة ليس هو المعدوم، وأما الحركة والمتحرك فنفس المتحرك فيه قوة هي مبدأ الحركة، فنظير المتحرك المحل الذي وجد فيه ما كان معدوما من الأعراض، كما يوجد اللون في المتلونات، والطعم في المطعومات، والحياة في الأحياء، فكذلك الحركة في المتحركات، فمحل هذه الصفات والحركات كان قابلا لها وفيه قوة القبول والاستعداد لها، وأما نفس هذه الأمور التي كانت معدومة فوجدت، فليس فيها من القوة ولا غيرها شيء.

فقياس القائس وجود المعدوم من ذاته بوجود الحركة من المتحرك في غاية الفساد، والعلة تكون فاعلة وتكون قابلة، فلو قال القائل: الموجود أو الجسم أو القائم بنفسه أو نحو ذلك يقبل الصفات والأعراض كالحركات ونحوها، وفيه قوة لذلك، فيجب أن يكون المعدوم فيه قبول لقيام الصفات والحركات به لكان قوله في غاية [ ص: 411 ] الفساد، فكيف إذا قال: إذا كان المتحرك فاعلا بنفسه لحركته، وجب أن يكون المعدوم فاعلا لذاته، بل يقال: الفاعل يمكن أن يفعل غيره، وأما فعله لنفسه فممتنع، فلو قال: إذا كان المتحرك يفعل حركة وجب أن يفعل المعدوم حركة لكان باطلا، فكيف إذا قال: وجب أن يفعل نفسه؟.

التالي السابق


الخدمات العلمية