الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3574 حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة [ ص: 387 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 387 ] ( إذا حكم الحاكم ) : أي أراد الحكم ( فأصاب ) : أي وقع اجتهاده موافقا لحكم الله ( فله أجران ) : أي أجر الاجتهاد وأجر الإصابة ، والجملة جزاء الشرط ( فله أجر ) : أي واحد .

                                                                      قال الخطابي : إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ، ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط ، وهذا فيمن كان جامعا لآلة الاجتهاد عارفا بالأصول عالما بوجوه القياس ، فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر ، ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل ، فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ وكان حكمه في ذلك مردودا . كذا في المرقاة للقاري .

                                                                      وقال في مختصر شرح السنة : إنه لا يجوز لغير المجتهد أن يتقلد القضاء ، ولا يجوز للإمام توليته .

                                                                      قال : والمجتهد من جمع خمسة علوم ، علم كتاب الله ، وعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقاويل علماء السلف من إجماعهم واختلافهم ، وعلم اللغة ، وعلم القياس ، وهو طريق استنباط الحكم من الكتاب والسنة ، إذا لم يجده صريحا في نص كتاب أو سنة أو إجماع ، فيجب أنيعلم من علم الكتاب الناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفسر ، والخاص والعام والمحكم والمتشابه ، والكراهة والتحريم ، والإباحة والندب ، ويعرف من السنة هذه الأشياء ، ويعرف منها الصحيح والضعيف ، والمسند والمرسل ، ويعرف ترتيب السنة على الكتاب وبالعكس ، حتى إذا وجد حديثا لا يوافق ظاهره الكتاب اهتدى إلى وجه محمله ، فإن السنة بيان للكتاب فلا يخالفه ، وإنما تجب معرفة ما ورد منها من أحكام الشرع دون ما [ ص: 388 ] عداها من القصص والأخبار والمواعظ ، وكذا يجب أن يعرف من علم اللغة ما أتى في الكتاب والسنة من أمور الأحكام دون الإحاطة بجميع لغات العرب ويعرف أقاويل الصحابة والتابعين في الأحكام ، ومعظم فتاوى فقهاء الأمة حتى لا يقع حكمه مخالفا لأقوالهم ، فيأمن فيه خرق الإجماع ، فإذا عرف من كل نوع من هذه الأنواع فهو مجتهد ، وإذا لم يعرفها فسبيله التقليد انتهى .

                                                                      قلت : في قوله : فسبيله التقليد . نظر ، فتأمل .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه مطولا ومختصرا .




                                                                      الخدمات العلمية