الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما إذا كان في يد المشتري فهل يصير قابضا للبيع بنفس العقد أم يحتاج فيه إلى تجديد القبض فالأصل فيه أن الموجود وقت العقد إن كان مثل المستحق بالعقد ينوب منابه ، وإن لم يكن مثله فإن كان أقوى من المستحق ناب عنه ، وإن كان دونه لا ينوب ; لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب ; لأن المتماثلين غيران ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه ، ويسد مسده ، وإن كان أقوى منه يوجد فيه المستحق ، وزيادة ، وإن كان دونه لا يوجد فيه إلا بعض المستحق فلا ينوب عن كله ، وبيان ذلك في مسائل ، وجملة الكلام فيها أن يد المشتري قبل الشراء إما أن كانت يد ضمان ، وإما أن كانت يد أمانة فإن كانت يد ضمان فإما أن كانت يد ضمان بنفسه ، وإما أن كانت يد ضمان بغيره فإن كانت يد ضمان بنفسه كيد الغاصب يصير المشتري قابضا للمبيع بنفس العقد ، ولا يحتاج إلى تجديد القبض ، سواء كان المبيع حاضرا ، أو غائبا ; لأن المغصوب مضمون بنفسه ، والمبيع بعد القبض مضمون بنفسه فتجانس القبضان فناب أحدهما عن الآخر ; لأن التجانس يقتضي التشابه ، والمتشابهان ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه ، ويسد مسده سواء كان المبيع حاضرا ، أو غائبا ; لأن يد الغاصب في الحالين يد ضمان .

                                                                                                                                وإن كانت يده يد ضمان لغيره كيد الرهن بأن باع الراهن المرهون من المرتهن فإنه لا يصير قابضا إلا أن يكون الرهن حاضرا ، أو يذهب إلى حيث الرهن ، ويتمكن من قبضه ; لأن المرهون ليس بمضمون بنفسه بل بغيره ، وهو الدين ، والمبيع مضمون بنفسه فلم يتجانس القبضان فلم يتشابها فلا ينوب أحدهما عن الآخر ، ولأن الرهن أمانة في الحقيقة فكان قبضه قبض أمانة ، وإنما يسقط الدين بهلاكه لمعنى آخر لا لكونه مضمونا على ما عرف ، وإذا كان أمانة فقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان كقبض العارية ، الوديعة ، وإن كانت يد المشتري يد أمانة كيد الوديعة ، والعارية لا يصير قابضا إلا أن يكون بحضرته ، أو يذهب إلى حيث يتمكن من قبضه بالتخلي ; لأن يد الأمانة ليست من جنس يد الضمان فلا يتناوبان ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية