الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو باع بشرط الخيار قبل الرؤية أو عرضه على البيع أو وهبه ولم يسلم أو كان للمشتري دارا فبيعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة فهو على خياره ; لأن هذه التصرفات دلالة الرضا ، وهذا الخيار قبل الرؤية لا يسقط بصريح الرضا فبدلالة الرضا أولى أن لا يسقط ، وإنما يسقط بتعذر الفسخ بأن أعتق أو دبر أو باع أو آجر أو رهن ، وسلم أما الإعتاق والتدبير فلأن كل واحد منهما وقع صحيحا لمصادفته محلا مملوكا ، وكل واحد منهما تصرف لازم لا يحتمل النقض والفسخ فتعذر فسخ البيع لتعذر فسخهما .

                                                                                                                                ( وأما ) البيع والإجارة والرهن فلأنها تصرفات لازمة أوجب بها ملكا لازما أو حقا لازما للغير على وجه لا يملك الاسترداد فتعذر الفسخ ، وتعذر فسخ العقد يوجب لزومه ; لأن الفسخ إذا تعذر لم يكن في بقاء العقد فائدة فيسقط ضرورة ولو باع أو رهن أو آجر ثم رد عليه بعيب بقضاء القاضي أو افتك الرهن أو انقضت مدة الإجارة لا يعود الخيار كذا روي عن أبي يوسف ; لأن خيار الرؤية بعد ما سقط لا يعود إلا بسبب جديد بخلاف خيار العيب ، وعلى هذا إذا كاتبه أو وهبه وسلمه أو باعه بشرط الخيار للمشتري قبل الرؤية يلزم البيع ; لأن هذه عقود لازمة أوجبت حقوقا لازمة ( أما ) الكتابة فلأنها عقد لازم في حق المكاتب حتى لا يملك الفسخ من غير رضا المكاتب ، وكذا البيع بشرط الخيار للمشتري ; لأنه لازم في جانب البائع .

                                                                                                                                ( وأما ) الهبة فلأن الملك الثابت بها ملك لا يحتمل العود إليه إلا بقضاء أو رضا ، فكان في معنى اللزوم ، وإذا تعذر الفسخ بسبب هذه التصرفات ، وتعذر الفسخ يوجب اللزوم ويسقط الخيار ضرورة عدم الفائدة بخلاف ما إذا باع بشرط الخيار لنفسه ; لأنه ليس بتصرف لازم في حقه ، وكذا الهبة من غير تسليم ، والعرض على البيع ، والله - عز وجل - أعلم ثم ما ذكرنا من سقوط الخيار ولزوم البيع برضا المشتري إذا رأى كل المبيع فرضي به .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية