[ ص: 125 ] فصل
وكان هديه وسنته إذا صالح قوما وعاهدهم ، فانضاف إليهم عدو له سواهم ، فدخلوا معهم في عقدهم ، وانضاف إليه قوم آخرون ، فدخلوا معه في عقده ، صار حكم من حاربه ، وبهذا السبب غزا حكم من حارب من دخل معه في عقده من الكفار أهل مكة ، فإنه لما صالحهم على وضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ، تواثبت بنو بكر بن وائل ، فدخلت في عهد قريش وعقدها ، وتواثبت خزاعة فدخلت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعقده ، ثم بنو بكر على خزاعة فبيتتهم ، وقتلت منهم ، وأعانتهم عدت قريش في الباطن بالسلاح ، فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ناقضين للعهد بذلك ، واستجاز غزو بني بكر بن وائل لتعديهم على حلفائه ، وسيأتي ذكر القصة إن شاء الله تعالى .
وبهذا أفتى بغزو نصارى المشرق لما أعانوا عدو المسلمين على قتالهم ، فأمدوهم بالمال والسلاح ، وإن كانوا لم يغزونا ولم يحاربونا ، ورآهم بذلك ناقضين للعهد ، كما نقضت شيخ الإسلام ابن تيمية قريش عهد النبي صلى الله عليه وسلم بإعانتهم بني بكر بن وائل على حرب حلفائه ، فكيف إذا أعان أهل الذمة المشركين على حرب المسلمين . والله أعلم .