الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما بردت الحرب وولى القوم منهزمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " من ينظر لنا ما صنع أبو جهل ؟ " فانطلق ابن مسعود ، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد ، وأخذ بلحيته ، فقال : أنت أبو جهل ؟ فقال : لمن الدائرة اليوم ؟ فقال : لله ولرسوله ، وهل أخزاك الله يا عدو الله ؟ فقال : وهل فوق رجل قتله قومه ؟ فقتله عبد الله ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته : فقال : " الله الذي لا إله إلا هو " فرددها [ ص: 166 ] ثلاثا ، ثم قال : الله أكبر ، الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، انطلق أرنيه . فانطلقنا فأريته إياه فقال : " هذا فرعون هذه الأمة " ) .

( وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف ، وابنه عليا ، فأبصره بلال ، وكان أمية يعذبه بمكة ، فقال : رأس الكفر أمية بن خلف ، لا نجوت إن نجا ، ثم استوخى جماعة من الأنصار ، واشتد عبد الرحمن بهما يحرزهما منهم ، فأدركوهم ، فشغلهم عن أمية بابنه ، ففرغوا منه ، ثم لحقوهما ، فقال له عبد الرحمن : ابرك . فبرك فألقى نفسه عليه ، فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه ، وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن بن عوف ، قال له أمية قبل ذلك : من الرجل المعلم في صدره بريشة نعامة ؟ فقال : ذلك حمزة بن عبد المطلب . فقال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل ، وكان مع عبد الرحمن أدراع قد استلبها ، فلما رآه أمية قال له : أنا خير لك من هذه الأدراع ، فألقاها وأخذه ، فلما قتله الأنصار ، كان يقول : يرحم الله بلالا ، فجعني بأدراعي وبأسيري ) .

وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذلا من حطب فقال : ( دونك هذا ) ، فلما أخذه عكاشة وهزه ، عاد في يده سيفا طويلا شديدا [ ص: 167 ] أبيض ، فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل في الردة أيام أبي بكر .

ولقي الزبير عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج في السلاح لا يرى منه إلا الحدق ، فحمل عليه الزبير بحربته ، فطعنه في عينه ، فمات ، فوضع رجله على الحربة ، ثم تمطى ، فكان الجهد أن نزعها ، وقد انثنى طرفاها ، قال عروة : فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكر ، سأله إياها عمر فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان فأعطاه إياها ، فلما قبض عثمان ، وقعت عند آل علي ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، وكانت عنده حتى قتل .

وقال رفاعة بن رافع : ( رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني ، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي ، فما آذاني منها شيء ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية