الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 249 ] قال : ( وليس للمستعير أن يؤاجر ما استعاره ، فإن آجره فعطب ضمن ) ; لأن الإعارة دون الإجارة والشيء لا يتضمن ما هو فوقه ; ولأنا لو صححناه لا يصح إلا لازما ; لأنه حينئذ يكون بتسليط من المعير ، وفي وقوعه لازما زيادة ضرر بالمعير لسد باب الاسترداد إلى انقضاء مدة الإجارة فأبطلناه ، فإن آجره ضمنه حين سلمه ; لأنه إذا لم تتناوله العارية كان غصبا ; وإن شاء المعير ضمن المستأجر [ ص: 250 ] لأنه قبضه بغير إذن المالك لنفسه ، ثم إن ضمن المستعير لا يرجع على المستأجر ; لأنه ظهر أنه آجر ملك نفسه ، وإن ضمن المستأجر يرجع على المؤاجر إذا لم يعلم أنه كان عارية في يده دفعا لضرر الغرر بخلاف ما إذا علم .

                                                                                                        قال : ( وله أن يعيره إذا كان مما لا يختلف باختلاف المستعمل ) وقال الشافعي رحمه الله : ليس له أن يعيره ; لأنه إباحة المنافع على ما بينا من قبل والمباح له لا يملك الإباحة وهذا ; لأن المنافع غير قابلة للملك لكونها معدومة ، وإنما جعلناها موجودة في الإجارة للضرورة ، وقد اندفعت الإباحة هاهنا ، ونحن نقول : هو تمليك المنافع على ما ذكرنا فيملك الإعارة كالموصى له بالخدمة ، والمنافع اعتبرت قابلة للملك في الإجارة فتجعل كذلك في الإعارة دفعا للحاجة ، وإنما لا تجوز فيما يختلف باختلاف المستعمل دفعا لمزيد الضرر عن المعير ; لأنه رضي باستعماله لا باستعمال غيره .

                                                                                                        قال رضي الله عنه : وهذا إذا صدرت الإعارة مطلقة ، وهي على أربعة أوجه :

                                                                                                        أحدها : أن تكون مطلقة في الوقت والانتفاع ، وللمستعير فيه أن ينتفع به أي نوع شاء في أي وقت شاء عملا بالإطلاق .

                                                                                                        والثاني : أن تكون مقيدة فيهما ، وليس له أن يجاوز فيه ما سماه عملا بالتقييد إلا إذا كان خلافا إلى مثل ذلك أو إلى خير منه ، والحنطة مثل الحنطة ، والشعير خير من الحنطة إذا كان كيلا .

                                                                                                        والثالث : أن تكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في حق الانتفاع . [ ص: 251 ]

                                                                                                        والرابع : عكسه ، وليس له أن يتعدى ما سماه ، فلو استعار دابة ولم يسم شيئا ، له أن يحمل ويعير غيره للحمل ; لأن الحمل لا يتفاوت ، وله أن يركب ويركب غيره وإن كان الركوب مختلفا ; لأنه لما أطلق فيه فله أن يعين حتى لو ركب بنفسه ليس له أن يركب غيره ; لأنه تعين ركوبه ، ولو أركب غيره ليس له أن يركبه حتى لو فعله ضمن ; لأنه تعين الإركاب .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية