الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشتراه بألف وخمسمائة فالشهادة باطلة ) لأن المقصود إثبات السبب وهو العقد ، ويختلف باختلاف الثمن فاختلف المشهود به ، ولم يتم العدد على كل واحد ، ولأن المدعي يكذب أحد شاهديه ، وكذلك إذا كان المدعي هو البائع ولا فرق بين أن يدعي المدعي أقل المالين أو أكثرهما لما بينا ( وكذلك الكتابة ) لأن المقصود هو العقد إن كان المدعي هو العبد فظاهر وكذا إذا كان هو المولى لأن العتق لا يثبت قبل الأداء فكان المقصود إثبات السبب ( وكذا الخلع والإعتاق على مال والصلح عن دم العمد إذا كان المدعي هو المرأة أو العبد أو القاتل ) لأن المقصود إثبات العقد والحاجة ماسة إليه ، وإن كانت الدعوى من جانب آخر ، فهو بمنزلة دعوى الدين فيما ذكرنا من الوجوه لأنه ثبت العفو [ ص: 99 ] والعتق والطلاق باعتراف صاحب الحق فبقي الدعوى في الدين وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا يقبل لأنه لا حظ له في الرهن فعزيت الشهادة عن الدعوى ، وإن كان هو المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين ، وفي الإجازة إن كان ذلك في أول المدة فهو نظير البيع ، وإن كان بعد مضي المدة والمدعي هو الآخر فهو دعوى الدين . قال : ( فأما النكاح فإنه يجوز بألف استحسانا وقالا : هذا باطل في النكاح أيضا ) وذكر في الأمالي قول أبي يوسف مع قول أبي حنيفة رحمهما الله. لهما : أن هذا اختلاف في العقد ; لأن المقصود من الجانبين السبب فأشبه البيع . ولأبي حنيفة رحمه الله أن المال في النكاح تابع ، والأصل فيه الحل والازدواج والملك ولا اختلاف فيما هو الأصل فيثبت ، ثم إذا وقع الاختلاف في التبع يقضى بالأقل لاتفاقهما عليه ، ويستوي دعوى أقل المالين أو أكثرهما في الصحيح ، ثم قيل : الاختلاف فيما إذا كانت المرأة هي المدعية ، وفيما إذا كان المدعي هو الزوج إجماع على أنه لا تقبل لأن مقصودها قد يكون المال ومقصوده ليس إلا بالعقد ، وقيل : الاختلاف في الفصلين وهذا أصح ، والوجه ما ذكرناه والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية