الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل

                                                                                                        قال : ( وإذا بنى المشتري فيها أو غرس ثم قضي للشفيع بالشفعة فهو بالخيار إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس وإن شاء كلف المشتري قلعه ) وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يكلف القلع ويخير بين أن يأخذ بالثمن وقيمة البناء والغرس وبين أن يترك ، وبه قال الشافعي رحمه الله إلا أن عنده له أن يقلع ويعطي قيمة البناء . لأبي يوسف رحمه الله : أنه محق في البناء ; لأنه بناه على أن الدار ملكه ، والتكليف بالقلع من أحكام العدوان وصار كالموهوب له والمشتري شراء فاسدا ، وكما إذا زرع المشتري فإنه لا يكلف القلع ، وهذا ; لأن في إيجاب الأخذ بالقيمة دفع أعلى الضررين بتحمل الأدنى فيصار إليه .

                                                                                                        ووجه ظاهر الرواية أنه بنى في محل تعلق به حق متأكد للغير من غير تسليط من جهة من له الحق فينقض كالراهن إذا بنى في المرهون ، وهذا ; لأن حقه أقوى من حق المشتري ; لأنه يتقدم عليه ، لهذا ينقض بيعه وهبته وغيره من تصرفاته ، بخلاف الهبة والشراء الفاسد عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه حصل بتسليط من جهة من له الحق ; ولأن حق الاسترداد فيهما ضعيف ولهذا لا يبقى بعد البناء ، وهذا الحق يبقى فلا معنى لإيجاب القيمة كما في الاستحقاق والزرع يقلع قياسا ، وإنما لا يقلع استحسانا ; لأن له نهاية معلومة ويبقى بالأجر وليس فيه كثير ضرر وإن أخذه بالقيمة يعتبر قيمته مقلوعا كما بيناه في الغصب .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية