الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : " ذلك " إشارة إلى ما تقدم ، والمعنى أن الذي مضى ذكره من حديث حنة وزكريا ويحيى وعيسى بن مريم ، إنما هو من إخبار الغيب فلا يمكنك أن تعلمه إلا بالوحي .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : لم نفيت هذه المشاهدة ، وانتفاؤها معلوم بغير شبهة ، وترك نفي استماع هذه الأشياء من حفاظها وهو موهوم ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : كان معلوما عندهم علما يقينيا أنه ليس من أهل السماع والقراءة ، وكانوا منكرين للوحي ، فلم يبق إلا المشاهدة ، وهي وإن كانت في غاية الاستبعاد إلا أنها نفيت على سبيل التهكم بالمنكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع ولا قراءة ، ونظيره ( وما كنت بجانب الغربي ) [ القصص : 44 ] ، ( وما كنت بجانب الطور ) [ القصص : 46 ] ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم ) [ يوسف : 102 ] ( ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ) [ هود : 49 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الإنباء : الإخبار عما غاب عنك ، وأما الإيحاء فقد ورد الكتاب به على معان مختلفة ، يجمعها تعريف الموحى إليه بأمر خفي من إشارة أو كتابة أو غيرهما ، وبهذا التفسير يعد الإلهام وحيا كقوله تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل ) [ النحل : 68 ] وقال في الشياطين يوحون إلى أوليائهم ، وقال : ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) [ مريم : 11 ] فلما كان الله سبحانه ألقى هذه الأشياء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل - عليه السلام - بحيث يخفى ذلك على غيره سماه وحيا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية