الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( إلا رمزا ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : أصل الرمز الحركة ، يقال : ارتمز إذا تحرك ، ومنه قيل للبحر : الراموز ، ثم اختلفوا في المراد بالرمز هاهنا على أقوال : أحدها : أنه عبارة عن الإشارة كيف كانت باليد ، أو الرأس ، أو الحاجب ، أو العين ، أو الشفة .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه عبارة عن تحريك الشفتين باللفظ من غير نطق وصوت . قالوا : وحمل الرمز على هذا المعنى أولى ؛ لأن الإشارة بالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركات الشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتهما عند النطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات على المعاني الذهنية أسهل .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : وهو أنه كان يمكنه أن يتكلم بالكلام الخفي ، وأما رفع الصوت بالكلام فكان ممنوعا منه .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : الرمز ليس من جنس الكلام فكيف استثني منه ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : لما أدى ما هو المقصود من الكلام سمي كلاما ، ويجوز أيضا أن يكون استثناء منقطعا فأما إن [ ص: 37 ] حملنا الرمز على الكلام الخفي فإن الإشكال زائل .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قرأ يحيى بن وثاب " إلا رمزا " بضمتين جمع رموز ، كرسول ورسل ، وقرئ " رمزا " بفتح الراء والميم جمع رامز ، كخادم وخدم ، وهو حال منه ومن الناس ، ومعنى " إلا رمزا " إلا مترامزين ، كما يتكلم الناس مع الأخرس بالإشارة ويكلمهم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية