الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 273 ] الثالثة : السيد معه في المعاملة كأجنبي يبايعه ، ويأخذ ثمنه بالشفعة . فلو ثبت له على سيده دين معاملة ، ولسيده عليه النجوم ، أو دين معاملة ، ففي التقاص الخلاف الآتي في الفرع عقيبه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في التقاص إذا ثبت لشخصين كل واحد منهما على صاحبه دين بجهة واحدة أو جهتين ، كسلم وقرض ، أو قرض وثمن ، نظر هل هما نقدان ، أم لا ؟ وهل هما جنس ، أم لا ؟ فإن كانا جنسا ، واتفقا في الحلول وسائر الصفات ، فأربعة أقوال .

                                                                                                                                                                        أظهرها : يحصل التقاص بنفس ثبوت الدينين ، ولا حاجة إلى الرضى إذ لا فائدة فيه .

                                                                                                                                                                        والثاني : لا يحصل التقاص ، وإن رضيا ؛ لأنه بيع دين بدين .

                                                                                                                                                                        والثالث : يشترط في التقاص رضاهما .

                                                                                                                                                                        والرابع : يكفي رضى أحدهما .

                                                                                                                                                                        وإن اختلف الدينان في الصفات كالصحة ، والكسر ، والحلول ، والتأجيل ، أو قدر الأجل ، لم يحصل التقاص ؛ لاختلاف الأغراض ، ولصاحب الحال أن يستوفيه وينتفع به إلى أن يحل ما عليه ، فإن تراضيا على جعل الحال قصاصا عن المؤجل ، لم يجز ، كما في الحوالة .

                                                                                                                                                                        وحكى أبو الفرج الزاز فيهما وجها . ولو كانا مؤجلين لأجل واحد ، فهل هما كالحالين ، أم كمؤجلين بأجلين مختلفين ؟ وجهان أرجحهما عند الإمام : الأول ، وعند البغوي : الثاني .

                                                                                                                                                                        وإن كانا جنسين : دراهم ، ودنانير ، فلا مقاصة .

                                                                                                                                                                        والطريق : أن يأخذ أحدهما ما على الآخر ، ثم إن شاء جعل المأخوذ عوضا عما عليه ، فيرده إليه ، ولا حاجة إلى قبض العوض [ ص: 274 ] الآخر . أما إذا لم يكن الدينان نقدين ، فإن كانا جنسا ، فالمذهب أنه لا تقاص وبه قطع جمهور العراقيين وغيرهم .

                                                                                                                                                                        وقيل : هو على الأقوال . وقيل : إن كانا من ذوات الأمثال ، فعلى الأقوال ، وإلا فلا تقاص قطعا وإن كانا جنسين فلا تقاص قطعا ، وإن تراضيا ، بل إن كانا عرضين ، فليقبض كل واحد ما على الآخر فإن قبض أحدهما لم يجز رده عوضا عن المستحق للمردود عليه ؛ لأنه بيع عرض قبل القبض ، إلا أن يكون ذلك العرض مستحقا بقرض أو إتلاف ، لا بعقد .

                                                                                                                                                                        وإن كان أحدهما عرضا ، والآخر نقدا ، فإن قبض مستحق العرض العرض ، ورده عوضا عن النقد المستحق عليه [ جاز ، وإن قبض مستحق النقد النقد ، ورده عوضا عن العرض المستحق عليه ] لم يجز إلا أن يكون العرض مستحقا بقرض أو إتلاف . هكذا ذكر ابن الصباغ ، والروياني وغيرهما .

                                                                                                                                                                        وإذا حصل التقاص بين السيد والمكاتب ، وبرئ المكاتب عن النجوم عتق كما لو أداها .

                                                                                                                                                                        قلت : فإذا قلنا : لا يتقاصان ، ولم يبدأ أحدهما بتسليم ما عليه حبس حتى يسلما ذكره صاحب " الشامل " وغيره . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية