الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الرابعة : إذا أوصى السيد بالمكاتب صحت الوصية على القديم الذي نصحح بيعه ، ولا يصح على الجديد .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا لو قال : إن عجز مكاتبي ، وعاد إلى الرق ، فقد أوصيت به لفلان ، فوجهان ، أحدهما : لا يصح اعتبارا بحال التعليق ، وكما لو قال : إن ملكت عبد فلان ، فهو حر .

                                                                                                                                                                        والثاني وهو الصحيح وبه قطع الجمهور : تصح الوصية كما لو أوصى بثمرة نخلته ، وحمل جاريته ، وكما لو قال : إن ملكت عبد [ ص: 275 ] فلان ، فقد أوصيت به ، فإن قلنا بالصحيح ، فعجز ، وأراد الوارث إنظاره ، فللموصى له تعجيزه ، وليأخذه وإنما يعجزه بالرفع إلى الحاكم كما سبق في المجني عليه .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى بالنجوم التي عليه صحت وإن لم تكن مستقرة كما تصح الوصية بالحمل . وإن لم يكن مملوكا في الحال ، فإن أداها فهي للموصى له ، وولاء المكاتب للسيد .

                                                                                                                                                                        وإن عجز فللوارث تعجيزه وفسخ الكتابة . وإن أنظره الموصى له ، فهل للموصى له إبراؤه عن النجوم ؟ فيه احتمالان لابن كج والقاضي حسين .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى لواحد برقبته إن عجز ولآخر بالنجوم صحت الوصيتان ، فإن أدى المال ، بطلت الأولى . وإن رق بطلت الثانية .

                                                                                                                                                                        ولو أوصى لرجل بما يعجله المكاتب ، فلم يعجل ، وأدى النجوم في محلها بطلت الوصية ، ولا يجبر على التعجيل لتنفيذ الوصية .

                                                                                                                                                                        هذا كله في الكتابة الصحيحة ، أما إن كاتبه كتابة فاسدة ، ثم أوصى برقبته ، فإن كان عالما بفساد الكتابة صحت الوصية .

                                                                                                                                                                        قال الصيدلاني وغيره : وتتضمن الوصية فسخ الكتابة . وإن كان يظن صحتها ، فقولان ، أحدهما : لا تصح الوصية ؛ لأنه أوصى معتقدا بطلان الوصية ، وأظهرهما : تصح اعتبارا بحقيقة الحال .

                                                                                                                                                                        ومنهم من طرد القولين فيما لو كان عالما بفساد الكتابة ؛ لأن الفاسدة [ كالصحيحة في حصول العتق ] وغيره ، بخلاف ما لو باع بيعا فاسدا ، ثم أوصى بالمبيع وهو عالم بفساد البيع ، فإنه يصح قولا واحدا ؛ لأن البيع الفاسد ليس كالصحيح .

                                                                                                                                                                        وأما إذا أوصى بالمبيع جاهلا بفساد المبيع ، فهو على القولين . ولو باع المكاتب كتابة فاسدة ، أو المبيع بيعا فاسدا ، [ أو وهب ] ، أو رهن وهو جاهل بالفساد ، فقيل : فيه القولان . وقيل : يبطل قطعا بخلاف الوصية ؛ لأنها تحتمل الغرر . والخلاف [ ص: 276 ] في هذا [ كله ] كالخلاف فيمن باع مال أبيه ظانا أنه حي فكان ميتا .

                                                                                                                                                                        وفي معناها ، ما إذا وكل رجلا بشراء عبد ، ثم باعه وهو لا يعلم أن الوكيل اشتراه له ، أو باع مال اليتيم وهو لا يعلم أن أباه جعله وصيا له ، فبان أنه جعله .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية