الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجاز خف قطع أسفل من كعب [ ص: 305 ] لفقد نعل أو غلوه فاحشا ، واتقاء شمس أو ريح بيد ، أو مطر بمرتفع وتقليم ظفر انكسر ، وارتداء بقميص ، وفي كره السراويل روايتان

التالي السابق


( وجاز ) لمحرم بحج أو عمرة ( خف ) أي : لبسه ومثله جرموق وجورب ( قطع ) بضم فكسر أو ثنى فيما يظهر ( أسفل من كعب ) للرجلين سواء قطعه هو أو غيره أو اشتراه كذلك ومثله في أبي الحسن الصغير ، ونقل ابن عمر في شرح الرسالة قولين أحدهما هذا ، والآخر أنه إنما يغتفر لمن قطعه لا لمن اشتراه كذلك . وحكى الشاذلي الثاني يقبل [ ص: 305 ] والظاهر الإطلاق ، وشرط الترخيص في لبس الخف المقطوع أسفل من كعب كون لبسه ( لفقد ) أي : عدم وجود ( نعل ) بالكلية ( أو ) ل ( غلوه ) أي : النعل غلوا ( فاحشا ) بأن يزيد ثمنه على قيمته المعتادة فوق ثلثها فلو لبسه لغير ما ذكر ، وقد قطع أسفل من كعب فعليه الفدية ولو لضرورة كشقوق برجليه . وظاهر المصنف اعتبار الفقد أو الغلو حين الإحرام فلا يجب عليه إعداده قبله إذا علم فقده عنده ، وقال سند يجب عليه قبل الميقات إن وجد ثمنه .

( و ) جاز له ( اتقاء شمس ) عن وجهه ( أو ريح بيد ) ; لأنها لا تعد ساترا عرفا وأولى ببناء أو خباء أو محارة كما يأتي ( أو مطر ) ومثله البرد عند مالك لا ابن القاسم " رضي الله عنه " ( ب ) شيء ( مرتفع ) عن رأسه من نحو ثوب .

وأما الخيمة فيجوز الدخول تحتها بلا عذر ولا يلصق المظلل برأسه واتقاء باليد أولى بالجواز ولا يلصقها برأسه وإلا فعليه الفدية إن طال قاله عب . البناني فيه نظر بل اليد يجوز الاتقاء بها مرتفعة ومتصلة ; لأنها لا تعد ساترا عرفا فلا فدية فيها بحال قاله ابن عاشر . سند لا بأس أن يسد أنفه من جيفة واستحبه ابن القاسم إذا مر بطيب .

( و ) جاز ( تقليم ظفر انكسر ) نحوه فيها أبو إسحاق واثنين وثلاثة والجواز مقيد بتأذيه من كسره وإلا فلا يجوز قلمه ، وإن قلمه جرى فيه قوله الآتي وفي الظفر الواحد إلخ ، وبالاقتصار في تقليمه على قلم ما يزول بقلمه الضرر كقطع المنكسر ومساواته حتى لا يتعلق بما يمر عليه ، فإن زاد على هذا ضمن ومفهوم قوله انكسر أنه إن لم ينكسر فإن كان قلمه لإماطة الأذى ففيه الفدية وإلا فحفنة كما يأتي هذا في الواحد وما زاد عليه ففيه الفدية مطلقا ( و ) جاز ( ارتداء ) وائتزار ( بقميص ) لعدم إحاطته ( وفي كره ) ارتداء ( السراويل ) لقبح هيئته وجوازه ( روايتان ) ومقتضى تعليل الكره المتقدم [ ص: 306 ] جريانهما في غير المحرم أيضا ولا يجوز لبسه لمحرم وإن لم يجد إزارا . وبحث ابن غازي في الروايتين بأن كلامه في مناسكه ونحوه للباجي يفيد أن الجواز قول لغير الإمام لا رواية عنه . وروى محمد من لم يجد مئزرا فلا يلبس السراويل ولو افتدى ، وفيه جاء النهي ونحوه في النوادر . وروى ابن عبد الحكم يلبسه ويفتدي نقله ابن عرفة .

وخرج مسلم عن ابن عباس " رضي الله عنهما قال { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ويقول السراويل لمن لم يجد الإزار ، والخفان لمن لم يجد النعلين } . وقال مالك " رضي الله عنه " في الموطإ في السراويل لم يبلغني هذا . ابن عبد السلام وعندي أن هذا من الأحاديث التي نص الإمام " رضي الله عنه " على أنها لم تبلغه إذا قال أهل الصناعة إنها صحت فيجب على مقلدي الإمام " رضي الله عنه " العمل بها كهذا الحديث وحديث أذن الإمام لأهل العوالي إذا وافق العيد الجمعة انظر التوضيح وابن غازي .

ويؤيد هذا قول الإمام مالك " رضي الله عنه " في رواية ربيبة معن بن عيسى قال سمعت مالكا " رضي الله عنه " يقول إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي فما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وما لم يوافق الكتاب والسنة من ذلك فاتركوه ا هـ . ابن عبد البر كان معن أشد الناس ملازمة لمالك " رضي الله عنه " . وقال الرازي أوثق أصحاب مالك وأثبتهم معن وهو أحب إلي من ابن نافع وابن وهب . وقال الشافعي " رضي الله عنه " قال الحميدي حدثني من لم تر عيني مثله وهو معن ، وقد روى عنه الأئمة أحمد وابن معين والحميدي وابن نمير وغيرهم وأخرج له البخاري ومسلم .




الخدمات العلمية