الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في (يغل) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ألا خوف عليهم) : موضع (أن) نصب; على تقدير: يستبشرون بأن لا خوف عليهم، وكذلك: (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) فيمن فتح، ومن كسر; فعلى الاستئناف.

                                                                                                                                                                                                                                      (يخوف أولياءه) : (أولياءه) : مفعول على معنى: يخوفهم الفقر، أو يكون على تقدير: يخوفكم إياهم، وقد تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (يحزنك) ; فمعناه: لا يجعلك حزينا، ومن قرأ: (يحزنك) ; فمعناه: لا يجعل فيك حزنا، وهما متقاربان، يقال: (حزن الرجل) ، و (حزنته) ; إذا جعلت فيه حزنا، وبعض العرب تقول: (حزن، وأحزنته) ، حكاه الخليل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 163 ] (إنهم لن يضروا الله شيئا) : انتصب قوله: (شيئا) ; لوقوعه موقع المصدر، [كأنه قال: لن يضروا الله ضررا قليلا ولا كثيرا، ويجوز انتصابه على تقدير حذف الباء]، كأنه قال: لن يضروا الله بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم) : من قرأ بالياء; فـ (الذين) : فاعلون، و (أنما نملي لهم خير لأنفسهم) يسد مسد المفعولين، و (ما) بمعنى (الذي) ، والعائد محذوف، و (خير) : خبر (أن) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تقدر (ما) والفعل مصدرا، فالتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لهم خير لأنفسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بالتاء; فالفاعل هو المخاطب، و (الذين) : مفعول (حسب) الأول، و (أن) وما بعدها بدل من (الذين) ، وهي تسد مسد المفعولين، كما تسد لو لم تكن بدلا، ولا يصلح أن تكون (أن) وما بعدها مفعولا ثانيا لـ(حسب) ; لأن المفعول الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى، إلا أن يضمر محذوف، فيكون التقدير: ولا تحسبن شأن الذين كفروا، ويقدر (ما) والفعل على هذا مصدرا، وإن لم يقدر حذف مضاف; لم يصلح أن تكون (ما) والفعل مصدرا; لأن (الذين كفروا) ليسوا (الإملاء) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الكلام لمن قرأ بالتاء - محمول على التكرير، تقديره: (ولا تحسبن الذين كفروا، لا تحسبن أنما نملي لهم) ، فسدت (أن) مسد المفعولين لـ(حسب) [ ص: 164 ] الثاني، وهي وما عملت فيه مفعول ثان لـ(حسب) الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) : من قرأ بالياء; فـ (الذين) : فاعلون، وحذف مفعول (حسب) الأول; لدلالة الكلام عليه، و (هو) : فاصلة، و (خيرا) : مفعول ثان لـ(حسب) ، التقدير: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيرا لهم) ، فحذف (البخل) لدلالة (يبخلون) عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بالتاء; فالفاعل المخاطب، و (الذين) : مفعول أول، على تقدير حذف المضاف، و (هو) : فاصلة، و (خيرا) : مفعول ثان لـ(حسب) ، التقدير: (ولا تحسبن بخل الذين يبخلون) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا) ، و (فلا تحسبنهم بمفازة) [آل عمران: 188]: من قرأهما جميعا بالياء; فـ (الذين) : فاعلون، ومفعولا (حسب) محذوفان، واستغني عنهما; لأن قوله: (فلا يحسبنهم بمفازة من العذاب) بدل من (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا) ، ففاعل الفعلين واحد، والمعنى: (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أنفسهم بمفازة من العذاب) ، فـ (أنفسهم) : مفعول أول، و (بمفازة) : في موضع المفعول الثاني.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأهما بالتاء; فالفاعل هو المخاطب، و (الذين) : مفعول أول، [ ص: 165 ] وحذف المفعول الثاني; لدلالة (بمفازة من العذاب) عليه، ويجوز البدل على هذه القراءة; لأن الفاعلين واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون (بمفازة من العذاب) المفعول الثاني لـ(حسب) الأول، على تقدير التقديم، ويكون المفعول الثاني لـ(حسب) الثاني محذوفا; لدلالة الأول عليه، التقدير: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا بمفازة من العذاب، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) ، فحذف، وإذا قدرت البدل; فالفاء في (فلا تحسبنهم) زائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (لا يحسبن الذين يفرحون) بالياء، و (فلا تحسبنهم) بالتاء; فعلى أن مفعولي (حسب) الأول حذفا لدلالة ما ذكر بعد عليهما، ولا يصلح البدل على هذه القراءة; لاختلاف الفاعلين.

                                                                                                                                                                                                                                      و (يميز) و (يميز) لغتان .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية