الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      (إلى كلمة سواء) : على النعت، ويجوز في الكلام نصبها على المصدر; لأنه في موضع: (استواء) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ألا نعبد إلا الله) : موضع (أن) جر على البدل من (كلمة) ، أو رفع على إضمار مبتدإ، أو تكون مفسرة لا موضع لها، ويجوز مع ذلك في (نعبد) وما عطف عليه الرفع على الحكاية، والجزم على النهي.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تقدر (أن) مخففة من الثقيلة، ويرفع ما بعدها، وتقدر هاء مضمرة.

                                                                                                                                                                                                                                      (هأنتم هؤلاء) : (هؤلاء) : خبر (أنتم) ، على أن يكون (أولاء) بمعنى: (الذين) ، وما بعده صلته، ويجوز أن يكون خبر (أنتم) : (حاججتم) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (هأنتم) جاء به على الأصل، والوجه: أن تكون (ها) للتنبيه دخلت على (أنتم) ، ويجوز أن تكون الهاء مبدلة من همزة، وأدخلت الألف كما تدخل بين الهمزتين; لأن الهاء في تقدير همزة، وليس ذلك من أصول القارئين به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 83 ] وكذلك من خفف الهمزة يحتمل الوجهين أيضا، وإدخال الألف -على أن تكون الهاء بدلا من همزة - مذهب القارئين به في نحو: (ءاانذرتهم) [البقرة: 6]، ووجه تخفيف الهمزة إذا قدرت (ها) للتنبيه: أن (ها) قد اتصلت بالكلمة حتى صارتا كأنهما كلمة واحدة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بألف ممدودة; احتمل الوجهين المتقدمين، فإن قدرت الهاء بدلا من همزة; فالهمزة مبدلة ألفا على غير قياس، كما روي عن ورش في: (ءاانتم) [البقرة: 140) ، وإن كانت (ها) للتنبيه; فهمزة (أنتم) حذفت حذفا، على ما ذكرناه وما نذكره من مذاهب العرب في حذف الهمزة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (هأنتم) مثل: (هعنتم) ; فالأحسن أن تكون الهاء بدلا من [ ص: 84 ] همزة، ويجوز أن تكون (ها) للتنبيه دخلت على (أنتم) ، وحذفت الألف لكثرة الاستعمال.

                                                                                                                                                                                                                                      (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبيء) : موضع (هذا) رفع على العطف على (الذين) ، و (النبيء) : نعت لـ(هذا) ، أو بدل، أو عطف بيان، ولو نصب (النبيء) : في الكلام; لجاز على العطف على الهاء في (اتبعوه) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم) الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      قد تقدم تقديره في التفسير ومن قرأ: (ءان يؤتى) بالاستفهام; فموضع (أن) رفع بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: آن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون به؟ على قول من قال: (أزيد مررت به؟) ، ويجوز أن تكون (أن) نصبا في قول من قال: (أزيدا مررت به؟) ، أو بإضمار فعل على معنى: (أتذكرون أن يؤتى أحد؟) .

                                                                                                                                                                                                                                      و (أحد) بمعنى: واحد، وهو يكون في الإيجاب والنفي، ويراد به الكثرة والجنس، ولا يكون الذي يختص بالنفي; لأن الاستفهام بمعنى التوبيخ; فهو كالإيجاب، لا يصح دخول (أحد) فيه; ولذلك جاء بعده: (أو يحاجوكم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز بعض النحويين [أن تكون (أحد) هي التي تختص بالنفي، دخلت بعد لفظ الاستفهام; إذ هو بمعنى الإنكار، فدخلت بعده كما تدخل بعد الجحد [ ص: 85 ] الملفوظ به.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (أن يؤتى) على الخبر; فـ (أن) في موضع نصب بـ(تؤمنوا) ]، المعنى: (لا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم) ، على أن تقدر اللام زائدة، ودخلت (أحد) ; لأن أول الكلام نفي، فدخلت في صلة (أن) ; لأنه مفعول الفعل المنفي.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون اللام محمولة على المعنى; لأن معنى (تؤمنوا) و (تقروا) سواء، والمفعول به: (أن يؤتى) ، وليس (لمن تبع دينكم) مفعولا به، وإنما هو بمنزلة: (أقررت لزيد بألف) ، فـ (الألف) : مفعول، وليس (زيد) بمفعول، ولا تتعلق اللام بـ(تؤمنوا) ، لأنه قد تعدى إلى (أن) بحرف جر، فلا يتعدى إلى مفعول آخر بحرف جر، ويجوز أن تتعلق اللام بمصدر، ويكون المعنى: (لا تجعلوا تصديقكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في مذهب من جعل (قل إن الهدى هدى الله) اعتراضا أو غيره في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (إن يؤتى) بالكسر; فـ (إن) بمعنى (ما) ، ونصب (أو يحاجوكم) بإضمار (أن) ، و (أو) تضمر بعدها (أن) إذا كانت بمعنى: (حتى) و (إلا أن) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 86 ] ومن قرأ: (إن يؤتي أحد) ; فالمعنى: (إن يؤتي أحد أحدا مثل ما أوتيتم) ، فحذف المفعول.

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الدال وكسرها من (دمت) لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      (بما كنتم تعلمون الكتاب) : من قرأ: (تعلمون) ; فلأن بعده: (تدرسون) ، ومن قرأ: (تعلمون) ; فلأنه أبلغ في الذم، وهو أعم من (تعلمون) ; لأن المعلم لا يكون إلا عالما.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (تدرسون) ; فمعناه: تدرسون غيركم، يقال: (درس هو، وأدرس غيره) ، مثل: قرأ وأقرأ غيره) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ولا يأمركم) : من نصب; عطفه على (أن يؤتيه) ، ويقويه: أن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أتريد أن نتخذك ربا يا محمد؟ فقال الله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوءة) إلى: (ولا يأمركم) ، ومن رفع; قطعه مما قبله. [ ص: 87 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (لما آتيناكم من كتاب وحكمة) : من كسر اللام; فهي لام الجر متعلقة بـ (أخذ) ، و (ما) بمعنى (الذي) ، والعائد محذوف، والتقدير: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين للذي [آتيتكموه، وقوله: (ثم جاءكم) وما بعده جملة معطوفة على الصلة]، والعائد منها على الموصول محذوف، التقدير: ثم جاء كم رسول مصدق به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ويجوز أن يكون (لما معكم) في معنى: مصدق به، ويجوز أن يكون (لما معكم) يقوم مقام المضمر; لأن ما معهم هو ما أوتوه، فصار (مصدق لما معكم) في معنى: مصدق به].

                                                                                                                                                                                                                                      وأخذ الميثاق: هو القسم، وجوابه: (لتؤمنن به) ، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو اللام في (لما) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح (اللام) ; جاز أن تكون (ما) بمعنى (الذي) ، ويقدر حذف العائد، كما تقدم، و (من) في (من كتاب وحكمة) لبيان الجنس، والخبر عند الخليل وسيبويه: (من كتاب وحكمة) ، و (اللام) في (لما) : لام الابتداء، وهي المتلقية للقسم الذي هو أخذ الميثاق، و (اللام) في (لتؤمنن به) : جواب قسم محذوف; أي: والله لتؤمنن به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 88 ] ويجوز أن تكون (ما) شرطا في موضع نصب بـ(ءاتيناكم) ، وموضع (ءاتيناكم) جزم، و (ثم جاءكم) معطوف عليه، واللام للتأكيد، وليست التي يعتمد عليها القسم، وإنما القسم معتمد على قوله: (لتؤمنن به) ، ولا يحتاج على هذا الوجه إلى تقدير عائد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (لما) بالتشديد; احتمل أن يكون أصلها التخفيف، فزيدت (من) على مذهب من يرى زيادتها في الواجب، فصارت: (لمن ما) ، وقلبت النون ميما للإدغام، فاجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت الأولى منه استخفافا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكون (لما) التي تدخل جازمة، ولا ظرفا، ولا التي بمعنى (إلا) ; إذ لا يصلح شيء من ذلك في هذا الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الإصر) و (الأصر) لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية