الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأولى الرجال به ) أي بالرجل في الغسل ( أولاهم بالصلاة ) عليه وسيأتي لكن غالبا فلا يرد أن الأفقه بباب الغسل أولى من الأقرب ، والأسن والفقيه ولو أجنبيا أولى من غير فقيه ولو قريبا عكس الصلاة على ما يأتي فيها لأن القصد هنا إحسان الغسل والأفقه والفقيه أولى به وثم الدعاء ونحو الأسن والأقرب أرق فدعاؤه أقرب للإجابة والحاصل أنه يقدم رجال عصبة النسب فالولاء فالوالي فذو الأرحام ومن قدمهم على الوالي حمل على ما إذا لم ينتظم بيت المال فالرجال الأجانب [ ص: 111 ] فالزوجة فالنساء المحارم ( و ) أولى النساء ( بها ) أي المرأة ( قراباتها ) المحارم كالبنت وغيرهن كبنت العم لأنهن أشفق قيل قال الجوهري القرابات من كلام العوام لأن المصدر لا يجمع إلا عند اختلاف النوع وهو مفقود هنا ا هـ

                                                                                                                              ويجاب أخذا من علته بصحة هذا الجمع لأن القرابات أنواع محرم ذات رحم كالأم ومحرم ذات عصوبة كالأخت وغير محرم كبنت العم ( ويقدمن على زوج في الأصح ) لأن الإناث بمثلهن أليق ( وأولاهن ذات محرمية ) من جهة الرحم ولو حائضا وهي من لو فرضت رجلا حرم عليه نكاحها بالقرابة لأنهن أشفق فإن استوى ثنتان محرمية فالتي في محل العصوبة كالعمة مع الخالة أولى ثم ذات رحم غير محرم كبنت العم وتقدم القربى فالقربى فإن استوى ثنتان درجة قدم هنا بما يقدم به في الصلاة فإن استويا في ذلك أقرع ولا ترجيح بزيادة إحداهن بمحرمية رضاع إذ لا مدخل له هنا أصلا قاله الإسنوي لكن خالفه البلقيني فبحث الترجيح بذلك حتى في بنت عم بعيدة ذات رضاع على بنت عم قريبة ليست كذلك وبمحرمية المصاهرة ووافقه الأذرعي على الأولى ( ثم ) ذات الولاء ثم محرم الرضاع ثم المصاهرة بناء على ما مر عن البلقيني ثم ( الأجنبية ) لأنها أوسع نظرا ممن بعدها ( ثم رجال القرابة كترتيب صلاتهم ) لأنهم أشفق ( قلت إلا ابن العم ونحوه ) وهو كل قريب غير محرم ( فكالأجنبي والله أعلم ) أي لا حق له في الغسل إذ لا يحل له النظر ولا الخلوة ( ويقدم عليهم ) أي رجال القرابة ( الزوج في الأصح ) لأنه ينظر ما لا ينظرونه نعم تقدم الأجنبية عليه وشرط المقدم في الكل الحرية الكاملة والعقل [ ص: 112 ] وأن لا يكون كافرا في مسلم ولا قاتلا ولا عدوا ولا فاسقا ولا صبيا وإن ميز على الأوجه .

                                                                                                                              ( تنبيه ) : قضية كلامهما بل صريحه وجوب الترتيب المذكور ومن ثم قال في الروضة ونقله الرافعي عن الجويني وغيره للأقرب إيثار الأبعد إن اتحد جنس الميت والمفوض إليه وإلا فلا لكن أطال جمع متأخرون في ندبه وأنه المذهب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن وأولى الرجال به أولاهم بالصلاة عليه ) انظر هل الأولى بالميت الرقيق قريبه الحر أو سيده . ( قوله : فالولاء فالوالي فذو الأرحام ) علم منه مع قوله الآتي في جانب المرأة " ثم ذات الولاء " تأخير ذات الولاء في جانب المرأة عن جميع الأقارب وتقديم ذي الولاء في الرجل على ذوي الأرحام ( قوله : فالوالي فذو الأرحام ) هذا موافق لما سيذكره الشارح في الصلاة من تقديم السلطان على ذوي الأرحام وسيأتي في هامش ذلك عن القوت أن تقديم ذوي الأرحام على السلطان طريقة المراوزة وتبعهم الشيخان [ ص: 111 ] وقياسه أن يكون هنا كذلك ( قوله : فالزوجة ) وكلامهم يشمل الزوجة الأمة وذكر فيها ابن الأستاذ احتمالين ؛ أوجههما : لا حق لها لبعدها عن المناصب والولايات ويدل له كلام ابن كج الآتي شرح م ر وظاهر كلامهم الآتي في الزوج أنه يقدم على ما يأتي وإن كان رقيقا ويمكن الفرق بين الزوجة والزوج بأنها أبعد عن المناصب والولايات لنقصي الأنوثة والرق وليراجع ما لو كان القريب من ذكر أو أنثى رقيقا فإن كان له حق فيوجه بقوة القرابة وأجاب م ر سائلا بإطلاق أنه ينبغي أنه لا حق لرقيق لأنه ولاية في الجملة والرقيق غير أهل لها ( قوله : لأن الإناث بمثلهن أليق ) أي وإن كان منظوره أكثر لأن حل نظره عارض وحل نظرهن أصلي . ( قوله : وتقدم القربى فالقربى ) يحتمل رجوعه أيضا لقوله فإن استوى ثنتان محرمية فالتي في محل العصوبة أولى وقد كتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح البهجة على قوله فإن استوى ثنتان محرمية فالتي في محل العصوبة أولى ما نصه ينبغي أن يكون محله عند الاستواء في القرب كنظيره الآتي في غير المحارم ولكن ظاهر صنيعه كغيره أن المحرمية العصبة تقدم وإن بعدت وليس له وجه إذ كيف تقدم العمة البعيدة جدا على الخالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن استويا إلخ ) عبارة شرح البهجة في ذلك بالنسبة للآتي لا محرمية لهن فإن استويا في القرب قدمت التي في محل العصوبة على قياس ما مر كبنت العمة مع بنت الخالة فإن استويا في جميع ذلك أقرع ا هـ فعليه مع ما ذكره الشارح فقال فيما لا محرمية لهن تقدم القربى فالقربى فإن استويا فالتي في محل العصوبة فإن استويا قدم بما يقدم به في الصلاة فإن استويا أقرع ( قوله : ثم ذات الولاء ) [ ص: 112 ] وقدمت ذوات الأرحام على ذوات الولاء في غسل الإناث لأنهن أشفق منهن ولضعف الولاء في الإناث ولهذا لا ترث امرأة بولاء إلا عتيقها أو منتميا إليه بنسب أو ولاء شرح م ر ( قوله : وأن لا يكون كافرا في مسلم ) بقي عكسه ( قوله : وإلا فلا ) أي فليس للأب تغسيل ابنته مع وجود أجنبية .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في الغسل ) أي إذا اجتمع من أقاربه من يصلح لغسله نهاية قول المتن ( أولاهم بالصلاة إلخ ) انظر هل الأولى بالميت الرقيق قريبه الحر أو سيده سم على حج والأقرب الثاني لأنه لم تنقطع العلقة بينهما بدليل لزوم مؤنة تجهيزه عليه ع ش أقول ولو قيل بأقربية الأول لم يبعد ( قوله : وسيأتي ) أي في الفرع الآتي أنهم رجال العصبات من النسب ثم الولاء نهاية ( قوله : أن الأفقه ) إلى قوله " والفقيه " في النهاية والمغني ( قوله : والفقيه إلخ ) كذا في شرح المنهج قال البجيرمي وقد يرد عليه أنه حينئذ يكون مكررا مع ما قبله ولعل الأولى أن يقال إن الفقيه هنا محمول على المعنى العرفي ( قوله لأن القصد إلخ ) راجع لقوله أن الأفقه إلخ ( قوله وثم ) أي في الصلاة ( قوله والحاصل ) إلى المتن في شرح المنهج

                                                                                                                              وكذا في النهاية والمغني إلا قوله فالوالي وقوله " ومن قدمهم " إلى " فالرجال " ( قوله : فالوالي ) أي الإمام أو نائبه شرح المنهج ( قوله : فالولاء إلخ ) علم منه مع قوله الآتي في جانب المرأة " ثم ذات الولاء " تأخير ذات الولاء في جانب المرأة عن جميع الأقارب وتقديم ذي الولاء في الرجل على ذوي الأرحام سم قال النهاية : وإنما جعل الولاء في غسل الذكور وسطا لقوة الولاء فيهم ولهذا يورثونه بالاتفاق وأخر في غسل الإناث فقدمت ذوات الأرحام على ذوات الولاء فيه لأنهن أشفق منهن ولضعف الولاء في الإناث ولهذا لا ترث بولاء إلا عتيقها أو منتميا إليه بنسب أو ولاء ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : فذوو الأرحام ) هذا موافق لما ذكره في الصلاة من تقديم السلطان على ذوي الأرحام وسيأتي في هامش ذلك عن القوت أن تقديم ذوي الأرحام على السلطان طريقة المراوزة وتبعهم الشيخان وقياسه أن يكون هنا كذلك سم ( قوله : إذا لم ينتظم أمر بيت المال ) أي بأن فقد الإمام أو بعض شروط الإمامة كأن كان جائرا كردي أي كما في زمننا وقبله بمئين من الأعوام ( قوله : فالزوجة ) كلامهم يشمل الزوجة الأمة وذكر فيها ابن الأستاذ احتمالين ، أوجههما لا حق لهما لبعدها عن المناصب والولايات ويدل له كلام ابن كج الآتي نهاية أي لنقص الأنوثة والرق بخلاف الزوج العبد سم عبارة ع ش قوله : [ ص: 111 ] م ر أوجههما لا حق لها - أي يقتضي - أن تقدم به على غيرها وهذا لا يستلزم عدم جواز غسلها فيجوز لها ذلك كما تقدم لكن قد يشكل على هذا تقديم زوجها العبد على رجال القرابة وأي فرق بين الذكر والأنثى الرقيقين ، ولعل الفرق أن العبد من جنس الرجال فهو من أهل الولايات في الجملة ولا كذلك الأمة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وأولى النساء ) إلى قوله ويجاب في المغني إلا قوله قيل وإلى التنبيه في النهاية إلا قوله ولو حائضا وقوله : ولا ترجيح إلى المتن ( قوله : وغيرهن ) عطف على المحارم ( قوله : لأن المصدر إلخ ) أي الذي للنوع كردي .

                                                                                                                              ( قوله : ويجاب إلخ ) هذا على التنزل وإلا فما أفاده الجوهري محل تأمل لأن منع جمع المصدر ما دام باقيا على مصدريته وأما بعد نقله إلى معنى آخر كما هنا فمحل تأمل بصري عبارة ع ش قوله : م ر بصحة هذا الجمع إلخ لكن يحتاج لتقدير مضاف أي ذوات قراباتها أو بجعل القرابة بمعنى القريبة مجازا ليصح الحمل ا هـ قول المتن ( ويقدمن ) أي القرابات ( قوله : لأن الإناث إلخ ) أي وإن كان منظور الزوج أكثر لأن حل نظره عارض وحل نظرهن أصلي سم ( قوله : وهي من ) إلى قوله " وشرط المقدم " في المغني إلا قوله ولا ترجيح إلى " قاله الإسنوي ( قوله : فالتي في محل العصوبة إلخ ) أي فإن استويا قدم بما يقدم به في الصلاة على الميت فإن استويا في الجميع ولم يتشاحا فذاك وإلا أقرع بينهما نهاية ( قوله : كالعمة ) ظاهره ولو بعدت ع ش عبارة سم عن الشهاب البرلسي على شرح البهجة قوله : فالتي في محل العصوبة أولى ينبغي أن يكون محله عند الاستواء في القربى كنظيره الآتي في غير المحارم ولكن ظاهر صنيعه كغيره أن المحرمية العصبة تقدم وإن بعدت وليس له وجه إذ كيف تقدم العمة البعيدة جدا على الخالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وتقدم القربى فالقربى إلخ ) يحتمل رجوعه أيضا لقوله السابق فإن استوى ثنتان محرمية فالتي إلخ ( قوله : فإن استويا ) كان الظاهر التأنيث ( قوله : ذات رضاع ) أي إذ كانت أما أو أختا من الرضاع مثلا مغني ( قوله : وبمحرمية إلخ ) عطف على قوله بذلك ( قوله : على الأولى ) يعني الترجيح بمحرمية الرضاع كذا في المغني وقضية كلام النهاية أن الموافقة إنما هي الترجيح بمحرمية المصاهرة فليراجع ( قوله : ثم ذات الولاء ) أي صاحبة الولاء بأن كانت معتقة أما العتيقة فلا حق لها في الغسل ع ش قول المتن ( ثم رجال القرابة ) أي من الأبوين أو من أحدهما نهاية ومغني ( قوله : وشرط المقدم إلخ ) أي شرط كونه أولى بالتقديم على غيره ما ذكر وعليه فلا يمتنع [ ص: 112 ] على الكافر تغسيل المسلم ولا على القاتل ونحوه ذلك لكن ينبغي كراهة ذلك مع وجود من اجتمعت فيه الشروط وقد تقدم عن المحلي أنه يكره للذمية تغسيل زوجها المسلم ع ش ( قوله : وأن لا يكون كافرا في مسلم ) أي وبالعكس عبارة النهاية والاتحاد في الإسلام أو الكفر ا هـ ثم قال وكذا الكافر البعيد أولى بالكافر من المسلم ا هـ وعبارة المغني والروض وأقارب الكافر الكفار أولى به ا هـ أي بتجهيزه من غسله ونحوه أسنى ( قوله : ولا قاتلا ) أي للميت ولو بحق كما في إرثه نهاية وأسنى قال ع ش عن شرح البهجة وهذا عداه السبكي إلى غير غسله فقال ليس لقاتله حق في غسله ولا الصلاة عليه ولا دفنه وهو قضية كلام غيره ونقله في الكفاية عن الأصحاب بالنسبة للصلاة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للأقرب ) إلى قوله لكن أطال في المغني والنهاية ( قوله : وإلا فلا ) أي فليس لرجل تفويضه لامرأة وعكسه مغني زاد الأسنى وهو على طريقة هؤلاء أعني الجويني وغيره من وجوب الترتيب المذكور أما على استحبابه وهو ما قدمته عن جماعة فيجوز ذلك وهو ما صرح به في المطلب ثم ساق كلام الجويني مساق الأوجه الضعيفة بل كلام ولده الإمام يشعر بأنه إنما هو رأي له فالمعتمد الجواز غايته أن المفوض ارتكب خلاف الأولى لتفويته حق الميت عليه بنقله إلى غير جنسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في ندبه إلخ ) تقدم عن الأسنى أنه المعتمد فيجوز للرجال التفويض للنساء وبالعكس إلا أنه خلاف الأولى ا هـ وظاهر صنيع الشارح اعتماده أيضا خلافا لما في البجيرمي حيث قال واختلف الناس هل هذا الترتيب الواقع بين الرجال والنساء واجب أو مندوب ذهب جمع إلى الأول ووافقهم ابن حج والمعتمد الثاني ثم قال ويؤخذ من كلام الحلبي أن الترتيب مندوب في اتحاد الجنس واجب فيما إذا اختلف الجنس فإذا كان الحق لرجل وغسلت امرأة أو بالعكس حرم حفني ا هـ .

                                                                                                                              وفي ع ش أخذا من كلام النهاية ما يوافق هذا التفصيل ( قوله : وأنه المذهب ) الظاهر عطفه على " ندبه " .




                                                                                                                              الخدمات العلمية