الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( لا جلد كلب وخنزير ) وفرع أحدهما فلا يحل لبسه لغلظ نجاسته ( إلا لضرورة كفجأة قتال ) أو خوف نحو برد ولم يجد غيره نظير ما مر في الحرير وخرج بلبسه استعماله في غيره كافتراشه فيحل قطعا كما في الأنوار ، وإن قال الزركشي المذهب المنصوص أنه لا ينتفع بشيء منهما ( وكذا جلد الميتة ) غيرهما فيحرم لبسه [ ص: 32 ] في حال الاختيار ( في الأصح ) لنجاسة عينه مع ما عليه من التعبد باجتناب النجس لإقامة العبادة ويؤخذ منه أنه يحل إلباس جلدها لصبي غير مميز ومجنون ويجوز استعماله في غير اللبس نظير الذي قبله بل أولى وإلباسه جلد كل منهما للآخر على المعتمد لاستوائهما تغليظا وجلد الميتة لدابته ويحرم اقتناء الخنزير لوجوب قتله فورا إلا لضرورة كأن اضطر لحمل متاع عليه والكلب إلا لنحو صيد أو حفظ حالا لا مترقبا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله كما في الأنوار ) فيه نظر ظاهر والوجه منع ذلك [ ص: 32 ] على أن ما نسبه للأنوار لم نره فيه ولعل النسخ مختلفة ( قوله : في حال الاختيار ) خرج حال الضرورة فيجوز لبسه ، وهل من الضرورة مجرد ستر عورته عن الأعين فيه نظر ويتجه أنه منها لما فيه من بدء المشقة عليه في رؤية عورته .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ منه أنه يحل إلباس إلخ ) ويحتمل خلافه اعتبارا بما من شأنه وهو الأوفق لكلامهم شرح م ر ( قوله : لصبي غير مميز ) في شرح الإرشاد الصغير ولو غير مميز كما اقتضاه إطلاقهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : جلد كل منهما ) خرج غيرهما من الدواب وعبارة الإرشاد لا جلد كلب أي أو خنزير أو فرع أحدهما إلا لمثله أو لضرورة مطلقا ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( لا جلد كلب إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع ) قضية حرمة استعمال نحو جلد الكلب والخنزير وشعرهما لغير ضرورة حرمة استعمال ما يقال له في العرف الشيتة ؛ لأنها من شعر الخنزير نعم إن توقف استعمال الكتان عليها ولم يوجد ما يقوم مقامها فهذا ضرورة مجوزة لاستعمالها ويعفى حينئذ عن ملاقاتها مع نداوته قال م ر ينبغي الجواز إن توقف الاستعمال عليها وأقول ينبغي أن يقيد الجواز بما إذا لم يمكن تجفيف الكتان وعمله عليها جافا فليتأمل سم على المنهج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : فيحل قطعا ) اعتمده ع ش عبارته قوله م ر فلا يحل لبسه إلخ خرج به الفرش فيجوز وبه صرح ابن حج ا هـ ويأتي عن الزيادي مثله ( قوله : كما في الأنوار ) فيه نظر ظاهر ، والوجه منع ذلك على أن ما نسبه للأنوار لم نره فيه ولعل النسخ مختلفة سم ووافقه شيخنا فقال والافتراش والتدثر كاللبس ا هـ قول المتن ( وكذا جلد الميتة إلخ ) أي قبل الدبغ ، وكذا يحرم على الآدمي استعمال نجاسة في بدنه أو شعره أو ثوبه ولو كان النجس مشط عاج في شعر الرأس إذا كانت هناك رطوبة وإلا فيكره كما في المجموع خلافا للإسنوي في قوله يحرم أي العاج مطلقا وكأنهم استثنوا العاج لشدة جفافه مع ظهور رونقه ، وجلد الآدمي وشعره وإن كان طاهرا يحرم استعماله إلا للضرورة مغني ونهاية وحاصله حرمة استعمال نجس غير العاج لغير حاجة مطلقا سواء كان في البدن أو الثوب أو الشعر وسواء كان هناك رطوبة أو لا وكذا استعمال جزء الآدمي وحرمة استعمال العاج مع الرطوبة وكراهته بدونها قال ع ش قوله : مشط عاج إلخ وهو أنياب فيلة وينبغي جواز حمله لقصد استعماله عند الاحتياج إليه ومعلوم أن محل ذلك في غير الصلاة ونحوها ، أما فيهما فلا يجوز لوجوب اجتناب النجاسة فيهما في البدن والثوب والمكان وقوله م ر إذا كانت هناك رطوبة أي لما فيه من تنجيس الرأس واللحية وقوله م ر وجلد الآدمي إلخ أي ولو حربيا خلافا لابن حج ا هـ ع ش ( قوله : فيحرم لبسه إلخ ) أي ولو فوق الثياب وخرج باللبس الافتراش فيجوز قطعا ولو من مغلظ ز ي وع ش ا هـ [ ص: 32 ] ويأتي وتقدم في الشرح ما يوافقه ( قوله في حال الاختيار ) خرج به حال الضرورة فيجوز لبسه ، وهل من الضرورة مجرد ستر عورته عن الأعين فيه نظر ويتجه أنه منها لما فيه من بدء المشقة عليه في رؤية عورتهسم ( قوله : من التعبد إلخ ) هو الدعاء للطاعة وقيل هو التكليف بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ منه ) أي من قوله مع ما عليه من التعبد إلخ ( قوله : أنه يحل إلباس جلدها إلخ ) ويحتمل خلافه اعتبارا لما من شأنه ذلك وهو الأوفق بإطلاقهم شرح م ر وفي شرح الإرشاد الصغير ولو غير مميز كما اقتضاه إطلاقهم سم عبارة ع ش قوله م ر وهو الأوفق إلخ معتمد ا هـ ( قوله : وإلباس ) إلى قوله والكلب في النهاية والمغني ( قوله : وإلباسه ) من إضافة المصدر إلى فاعله ومرجع الضمير المكلف المعلوم من المقام ( قوله : للآخر ) أي لا لغيرهما عبارة النهاية والمغني ، وأما تغشية غير الكلب والخنزير وفرعهما أو فرع أحدهما مع الآخر بجلد واحد منها فلا يحل بخلاف تغشيته بغير جلدها من الجلود النجسة ، فإنه جائز ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وجلد الميتة إلخ ) بالنصب عطفا على جلد كل إلخ يعني يجوز إلباس غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما جلد غيرها ، وإن اختلف النوع خلافا لما يوهمه صنيعه ( قوله : لدابته ) أي الجلد والإضافة لأدنى ملابسة ( قوله : ويحرم إلخ ) عبارة النهاية والمغني وليس إلباس الكلب الذي لا يقتنى أو الخنزير جلد مثله مستلزما لاقتنائه ولو سلم فإثمه على الاقتناء دون الإلباس على أنه قد يجوز اقتناؤه لمضطر احتاج إلى حمل شيء عليه أو ليدفع به نحو سبع أو يكون ذلك لأهل الذمة ، فإنهم يقرون عليها أو لمضطر تزود به ليأكله كما يتزود بالميتة فله حينئذ أن يجلله كما هو ظاهر وبذلك اندفع استشكال الإسعاد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو حفظ ) أي لنحو الزراعة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية