الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو اتفق فرضان ) في إبله ( كمائتي بعير ) فرضها خمس بنات لبون أو أربع حقاق ؛ لأنها خمس أربعينات وأربع خمسينات ( فالمذهب ) أنه ( لا يتعين أربع حقاق بل ) الواجب ( هن أو خمس بنات لبون ) حيث لا أغبط لما يأتي ؛ لأن كلا يصدق عليه أنه واجب ، ولا يجوز إخراج حقتين وبنتي لبون ونصف ، وإن كان أغبط للتشقيص ، وقضيته إجزاء ثلاث مع حقتين وأربع مع حقة مثلا إذا كان مع وجود الفرضين عنده هو الأغبط ، وهو كذلك لكن يشكل عليه أن من خير بين شيئين لا يجوز له تبعيضهما كما في كفارة اليمين ، وقد يفرق بأن التخيير ثم بالنص مع أن كل خصلة مقصودة لذاتها ، ولا كذلك هنا ، ويؤيده تعين الأغبط هنا لا ثم ( فإن وجد بماله أحدهما ) كاملا ( أخذ ) إن لم يحصل الآخر الأغبط ، ولا يلزمه تحصيله ، وإن سهل على المعتمد [ ص: 218 ] ولا يجوز هنا نزول ، ولا صعود لعدم الضرورة إليه ( وإلا ) يوجد بماله أحدهما كاملا بأن فقد كل منهما أو بعض كل أو بعض أحدهما أو وجدا أو أحدهما لا بصفة الإجزاء أو بصفة الكرم ( فله تحصيل ما شاء ) منهما أي : كله أو تمامه بشراء أو غيره ، وإن لم يكن أغبط لمشقة تحصيل الأغبط ، ويعلم مما يأتي أن له أن يصعد أو ينزل مع الجبران فله في تلك الأحوال الخمسة أن يجعل الحقاق أصلا ويصعد لأربع جذاع فيخرجها ويأخذ أربع جبرانات ، وأن يجعل بنات اللبون أصلا وينزل لخمس بنات مخاض فيخرجها مع خمس جبرانات فعلم أن له فيما إذا وجد بعض كل منهما كثلاث حقاق وأربع بنات لبون أن يجعل الحقاق أصلا فيدفعها أو بعضها والباقي من بنات اللبون مع الجبران لكل وبنات اللبون أصلا فيدفعها أو بعضها والباقي من الحقاق ويأخذ الجبران لكل ، وفيما إذا وجد بعض أحدهما كحقة أن يجعلها أصلا فيدفعها مع ثلاث جذاع ويأخذ ثلاث جبرانات أو بنات اللبون أصلا فيدفع خمس بنات مخاض مع خمس جبرانات

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قضية كلامهم أنه فيما إذا فقدهما يجوز له جعل الحقاق أصلا ، ويدفع أربع بنات لبون مع أربع جبرانات لا جعل بنات اللبون أصلا ويدفع خمس حقاق ، ويأخذ خمس جبرانات ؛ لأنه وجد عين الواجب هنا فامتنع أخذ الجبران كذا قيل ، وهو متجه في الثانية ، وأما الأولى ففيها نظر ، ولا نسلم أن كلامهم يقتضي ما ذكر فيها ؛ لأن أحد الواجبين المخير فيهما لا يصلح للبدلية عن الآخر بل إذا وجد هو أو بعضه فإنما يقع عن نفسه ثم يكمل من غيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إذا كان مع وجود فرضين عنده هو الأغبط ) هل أو المساوي في الغبطة ( قوله : وهو كذلك ) أي : كما في الروض وشرحه ، وإن لم يذكر الشرط المذكور ( قوله : [ ص: 218 ] إن لم يحصل الآخر الأغبط ) أي : وإلا تعين الأغبط وينبغي أو المساوي في الغبطة أي : ولا يتعين ما بماله ( قوله : ولا صعود ) أي بالجبران ( قوله : وإلا يوجد بماله أحدهما ) أي : واحد منهما ( قوله : أو بعض أحدهما ) لعل الأولى بدل هذا أو أحدهما ، وبعض الآخر فتأمله ( قوله : أو بعض أحدهما ) أي : أو فقد بعض أحدهما ، ولا يخفى أن المفهوم منه أنه وجد أحدهما وبعض الآخر دون بعض ، وليس بصحيح ، ولا مرادا ، وعبارة شرح المنهج في هذا المقام : وإلا أي : وإن لم يوجد أو أحدهما بماله بصفة الإجزاء بأن لم يوجد شيء منهما أو وجد بعض كل منهما أو بعض أحدهما أو وجدا أو أحدهما لا بصفة الإجزاء فله تحصيل ما شاء ا هـ فقوله : أو بعض أحدهما أي : أو وجد بعض أحدهما أو فقد أحدهما ووجد بعض الآخر ، وهذا ما أراده الشارح بقوله : أو بعض أحدهما لكنه في شرح المنهج عبر بالوجود فأصاب المقصود بخلاف الشارح فإنه بالفقد فلم يصب المقصود فتأمله أقول الشارح أصلح هذا المحل طب ( قوله : في تلك الأحوال الخمسة ) أي : المذكورة بقوله : بأن فقد كل منهما إلخ ( قوله : مع الجبران لكل ) أي : من الباقي ( قوله : كذا قيل ) كلام شرح الروض موافق لهذا القيل فإنه قال : وظاهر أنه يجوز له أن يجعل الحقاق أصلا وينزل إلى أربع بنات لبون يحصلها ويدفع أربع جبرانات ثم قال : وكلامهم يقتضي ذلك ( قوله : عن الآخر ) كأنه احتراز عما ذكر قبل التنبيه إن صلح فيه أحد [ ص: 219 ] الواجبين عن بعض الآخر لكن قد يتوجه أنه حيث صلح للبدلية في البعض فليصلح في الكل ، وإلا احتاج لفرق واضح



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في إبله ) أي : أو بقره ، ولا يكون ذلك إلا فيهما حفني ا هـ بجيرمي ( قوله : لما يأتي ) أي : في قول المصنف : وإن وجدهما إلخ ( قوله : وقضيته ) أي : قضية تعليل عدم الجواز بالتشقيص و ( قوله : إجزاء ثلاث مع حقتين ) أي : بزيادة نصف بنت لبون على الواجب تبرعا و ( قوله : وأربع مع حقة ) أي : بأن يزيد على الواجب ربع بنت لبون ( قوله : إذا كان إلخ ) متعلق بالإجزاء والضمير المستتر راجع لإخراج كل من ثلاث بنات لبون مع حقتين وأربع بنات لبون مع حقة ( قوله : هو الأغبط ) هل أو المساوي في الغبطة سم أي : كما يؤيد مسألة المتن مع قول الشارح حيث لا أغبط .

                                                                                                                              ( قوله : وهو كذلك ) أي : كما في الروض وشرحه ، وإن لم يذكر الشرط المذكور سم وقوله كما في الروض إلخ أي : والنهاية والمغني وقوله : وإن لم يذكر الشرط إلخ أي : هنا صريحا ، وإلا فيؤخذ من سابق كلامه اعتبار الشرط المذكور هنا أيضا ( قوله : لكن يشكل عليه ) أي : على إجزاء ما ذكر قول المتن ( فإن وجد بماله إلخ ) عبارة المغني والنهاية واعلم أن لهذه المسألة خمسة أحوال ؛ لأنه إما أن يوجد عنده كل الواجب بكل الحسابين أو بأحدهما دون الآخر أو يوجد بعضه بكل منهما أو بأحدهما أو لا يوجد شيء منهما ، وكلها تعلم من كلامه ، وقد سرع ببيان ذلك فقال فإن وجد إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كاملا ) إلى التنبيه في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله أو بصفة الكرم ( قوله : كاملا ) أي : تاما مجزئا نهاية ومغني قول المتن ( أخذ ) أي : وإن وجد شيء من الآخر ؛ إذ الناقص كالمعدوم شرح المنهج وأسنى وشيخنا ( قوله : إن لم يحصل الآخر الأغبط ) أي : وإلا تعين الأغبط وينبغي أو المساوي في الغبطة أي : ولا يتعين ما بماله سم ويوافقه قول المغني والنهاية وقوله أخذ قد يقتضي أنه لو حصل المفقود ودفعه لا يؤخذ ، وعبارة الروضة والمحرر لا يكلف تحصيل الآخر ، وإن كان أغبط ، وهي [ ص: 218 ] تقتضي أنه لو حصل الآخر ودفعه أجزأه لا سيما إن كان أغبط ، وهذا هو الظاهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يجوز هنا نزول إلخ ) أي : مع الجبران نهاية ومغني ( قوله : ولا صعود ) أي : بالجبران سم ( قوله : أحدهما ) أي : واحد منهما سم ( قوله كاملا ) أي : بصفة الإجزاء نهاية ومغني ( قوله : أو بعض أحدهما ) أي : ولم يوجد من الآخر شيء ؛ لأنه لو وجد بعض الآخر اتحد مع قوله أو بعض كل ع ش عبارة سم قوله : أو بعض أحدهما لعل الأولى بدل هذا أو أحدهما وبعض الآخر فتأمله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو بصفة الكرم ) عطف على قوله لا بصفة الإجزاء فكان ينبغي أن يقول : بلا صفة الإجزاء حتى يظهر العطف عليه وعلى كل من التعبيرين لا يظهر وجه إدراجه في تفسير وإلا في المتن ؛ ولذا عدل النهاية إلى قوله ويلحق بذلك ما لو وجدا نفيسين ؛ إذ لا يلزمه بذلهما ا هـ أي إذا لم يكن إبله كلهن كرائم أخذا مما مر .

                                                                                                                              ( قوله : ويعلم مما يأتي أن له إلخ ) عبارة النهاية والمغني وأشار بقوله : فله إلى جواز تركهما والنزول أو الصعود إلخ ( قوله : في تلك الأحوال الخمسة ) أي : المذكورة بقوله : بأن فقد كل منهما إلخ ( قوله : وبنات اللبون إلخ ) عطف على قوله الحقاق أصلا إلخ ( قوله : أو بعضها إلخ ) أي : كأن دفع حقة مع ثلاث بنات لبون وثلاث جبرانات نهاية ومغني ( قوله : مع الجبران لكل ) أي : من الباقي سم ( قوله : كذا قيل ) كلام شرح الروض موافق لهذا القيل سم عبارة البصري هو شيخ الإسلام في الأسنى وكلامه متجه في المسألتين خلافا للشارح رحمه الله تعالى كما يعلم بتتبع كلامهم وقوله : لأن أحد الواجبين إلخ كلامهم كالصريح في رده ففي أصل الروضة ما نصه الحال الرابع أن يوجد بعض كل صنف بأن يجد ثلاث حقاق وأربع بنات لبون فهو بالخيار إن شاء جعل الحقاق أصلا فدفعها مع بنت لبون وجبران ، وإن شاء جعل بنات اللبون أصلا فدفعها مع حقة ، وأخذ جبرانا انتهى فتأمل صنيعه كيف صرح بالتخيير بين النوعين ومع ذلك سوغ كون كل منهما بدلا عن الآخر وهذه الصورة المنقولة عن أصل الروضة تقدمت في كلام الشارح أيضا فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              وفي مطابقة دليله لمدعاه نظر ؛ إذ قد يفرق بين بدلية أحدهما عن كل الآخر الذي في الصورة الأولى وبين بدليته عن بعض الآخر الذي في الصورة المنقولة عن أصل الروضة ( قوله : عن الآخر ) كأنه احتراز عما ذكره قبيل التنبيه إذا صلح فيه أحد الواجبين عن بعض الآخر لكن قد يتوجه أنه حيث صلح للبدلية في البعض فليصلح في الكل ، وإلا احتاج لفرق واضح سم ، وقد يفرق بوجود الضرورة هناك لا هنا وبكثرة الجبرانات هنا لا هناك




                                                                                                                              الخدمات العلمية