الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن خرص الثمر ) الذي تجب فيه الزكاة وإن كان من نخيل البصرة ، وما أطال به الماوردي من استثنائه ونقل فيه الإجماع ؛ لأنهم لا يمنعون منه مجتازا فيخرجون أكثر مما عليهم وألحق بهم من هو مثلهم في ذلك ردوه بأنه طريقة ضعيفة تفرد بها ( إذا بدا صلاحه ) [ ص: 257 ] أو صلاح بعضه ( على مالكه ) للأمر الصحيح بذلك ، ومن ثم قيل بوجوبه وبحثه بعضهم على الأول إذا علم الإمام أو نائبه تصرف الملاك بالبيع وغيره قبل الجفاف ، والخرص التخمين فهو هنا حزر ما يجيء من الرطب والعنب تمرا أو زبيبا بأن يرى ما على كل شجرة ثم إن شاء ، وهو الأولى قدر عقب رؤية كل ما عليها رطبا ثم جافا ، وإن شاء قدر الجميع رطبا ثم جافا بشرط اتحاد النوع ، وخرج بالثمر المراد به الرطب والعنب الحب لتعذر الحزر فيه لكن بحث بعضهم أن للمالك إذا اشتدت الضرورة لشيء منه أخذه ويحسبه واستدل بما لا يتأتى على قواعدنا فهو ضعيف ، وإن نقل عن الأئمة الثلاثة ما قيل إنه يوافقه وببعد بدو الصلاح قبله لتعذر خرصه ولعدم تعلق حق الفقراء به ( والمشهور إدخال جميعه في الخرص ) لعموم الأدلة الموجبة لعشر الكل أو نصفه من غير استثناء شيء لأكله وأكل عياله ونحوهم لكن يشهد للاستثناء خبر صحيح به وحملوه كالشافعي رضي الله عنه في أظهر قوليه على أنه يترك له من الزكاة شيء ليفرقه بنفسه في أقاربه وجيرانه ، وفي تضعيف المتن مدرك هذا المقابل نظر مع شهادة الحديث وبعد تأويله ، ومن ثم قال الأذرعي : ليس عنه جواب شاف ، وهو مذهب الحنابلة واختاره بعضهم إذا دعت حاجة المالك إليه ، ولم يجد خارصا يثق به ونوى أن يخرج بعد الجداد عما يأكله واستشهد له بتناوله صلى الله عليه وسلم الباكورة قبل بعث الخارص ومر الجواب عن هذا الاستشهاد ( وأنه يكفي خارص ) واحد ؛ لأنه يجتهد ويعمل بقول نفسه فهو كالحاكم ، ولو اختلف خارصان توقفنا حتى يعرف الأمر منهما أو من غيرهما ، ولو فقد خارص من جهة الساعي

                                                                                                                              [ ص: 258 ] حكم المالك عدلين يخرصان عليه ويضمنانه كما يأتي ، ولا يكفي واحد احتياطا لحق الفقراء ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك ، فبحث بعضهم إجزاء واحد يرد بذلك ، وبتحكيمهما مع التضمين الآتي المفيد للتصرف رد ابنا الرفعة والأستاذ قول الغزالي كإمامه ينفذ التصرف في الرطب قبل الجفاف فيما عدا قدر الزكاة بالإجماع وإلا لمنع الناس من الرطب وحمل - ما قالاه - آخرون على ما بعد الخرص والتضمين ( وشرطه ) العلم بالخرص ويظهر الاكتفاء فيه حيث لا شاهدان به بالاستفاضة و ( العدالة ) وتأتي شروطها ، وحيث أطلقت أريد بها عدالة الشهادة لكن لأجل حكاية الخلاف صرح ببعض ما خرج بها فقال ( وكذا الحرية والذكورة في الأصح ) ؛ لأنه ولاية ، وليس من لم تكمل فيه شروط عدالة الشهادة أهلا لها .

                                                                                                                              ( فإذا خرص ) وضمن ( فالأظهر أن حق الفقراء ) أي : المستحقين ومر حكمة تغليبهم ( ينقطع من عين الثمر ) بالمثلثة ( ويصير في ذمة المالك التمر ) بالمثناة ( والزبيب ) إن لم يتلفا بغير تقصير منه فإن تلفا بغير تقصير منه قبل التمكن من الأداء فلا ضمان عليه ( ليخرجهما بعد جفافه ) أي : كل منهما ؛ لأن الخرص مع التضمين يبيح له التصرف في الجميع وذلك يدل على انقطاع حقهم منه ( ويشترط ) في الانقطاع والصيرورة المذكورين ( التصريح ) من الساعي أو الخارص المحكم في الخرص ( بتضمينه ) أي حق الفقراء لنحو المالك كضمنتك إياه بكذا أو خذه بكذا ( وقبول المالك ) أو وليه أو وكيله للتضمين ( على المذهب ) ؛ لأن الانتقال من العين إلى الذمة يستدعي رضاهما ويأتي قريبا ما يعلم منه جواز تضمين الساعي أحد شريكين قدر حقه بل الكل .

                                                                                                                              كما يجوز له أن يضمن زكاة حصة المسلم شريكه اليهودي [ ص: 259 ] كما يأتي وبحث أخذا من هذا ، ومن أنه يجوز له إخراجها من غيره أنه لو ضمن حصته أو أخرجها ثم اقتسما حل له التصرف في ماله ، وإن لم يخرج شريكه حصته بناء على أن القسمة إفراز قال غيره أو بيع ، وقد اقتسما بعد الجفاف للضرورة ؛ إذ لا يكلف بغيره مع صحة القسمة وتبعية الزكاة للمال ا هـ وفيه نظر ؛ إذ كلامهم كالصريح في امتناع استقلال الملاك بالقسمة التي هي بيع بعد تعلق حق الزكاة فليحمل ذلك على ما إذا انقطع حقهم من عينه بتضمين صحيح ، ثم رأيت بعضهم أطلق بطلان القسمة وأن إخراج أحدهما قبلها أو بعدها حصته يشيع في المال كله فتبطل في حصة الشريك لعدم إذنه ، ولم يحسب للمخرج إلا الربع إن تناصفا وحينئذ لا يجوز له التصرف في شيء من المال لبقاء تعلق الزكاة بحصته ونظيره ما لو باع شريك عبدين بغير إذن شريكه يبطل في نصف كل لا في كل أحدهما ا هـ .

                                                                                                                              وهذا كله مبني على ضعيف لما مر أن المنقول المعتمد أن الخلطة أي : شيوعا أو جوارا في الحيوان والمعشر وغيرهما كما صرحوا به تجعل المالين كالمال الواحد فيجوز لأحد الشريكين الإخراج من ماله ، ولو بغير إذن شريكه اكتفاء بإذن الشارع ويرجع على الشريك بحصته ما لم ينو التبرع وحينئذ فمتى أخرج أحد شريكين أو خليطين جاز له التصرف في قدر حقه كما لو ضمن قدر الزكاة تضمينا صحيحا ، ولا يجاب ساع طلب قسمة ما يجف أو غيره قبل القطع بأن يفرد الزكاة بالخرص في نخلة أو أكثر إن قلنا : القسمة بيع ، وإلا أجيب ، وكذا بعد القطع وقبل الجفاف وعلى المنع يقبض الساعي الواجب من المقطوع مشاعا بقبض الكل .

                                                                                                                              وبه يبرأ المالك ويملكه المستحقون بقبض نائبهم ثم يبيعه أو يبيعه هو والمالك ويقتسمان الثمن ، ويلزمه فعل الأحظ ، وليس له أخذ قيمة الواجب مع بقاء الثمرة أي : إلا باجتهاد أو تقليد صحيح كما علم مما مر في الخلطة ، فإن أتلفها المالك ، أو تلفت عنده بعد قطعها لزمه قيمة الواجب رطبا وقت التلف ذكره في المجموع قال : وفارق هذا ما مر في مسألة العراقيين بأنه ثم يلزمه إبقاؤها إلى الجفاف حتى يدفع الجاف فإذا قطع قبله فقد تعدى فلزمه الجاف ، وهنا لا إبقاء عليه ؛ لأن الفرض أنه خاف العطش فلم يلزمه الثمر بل له القطع ودفع الرطب فلم يلزمه غيره ، وفيه غموض فتأمله ( وقيل ينقطع ) حق الفقراء ( بنفس الخرص ) ؛ لأن التضمين لم يرد ، وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان [ ص: 260 ] لما يأتي أنه لا يضمن ما تلف بغير تقصير ( وإذا ضمن ) وقبل على الأول ( جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره ) ؛ لأنه ملكه بذلك ، ولم يبق لأحد تعلق به ، وهذا هو فائدة التضمين واستبعده الأذرعي في معسر يصرفه في دينه أو يأكله وبقاؤه في ذمته لا حظ لهم فيه وتبعه غيره فقال : إنما يضمنه حيث يرى المصلحة ، ولا مصلحة هنا فإن ظنها فاختلف ظنه باع الإمام جزءا من الثمر أو الشجر أي حيث لم يكن مرهونا وبحث بعضهم أنه متى أمكن الاستيفاء من الشجر أو غيره خرص عليه وضمنه ، وإلا فلا أما قبل الخرص والتضمين أو القبول فلا ينفذ تصرفه ببيع أو غيره إلا فيما عدا قدر الزكاة كما يأتي ، ومع ذلك يحرم عليه التصرف في شيء منها لتعلق الحق بها مع كون الشركة غير حقيقية ؛ لأن المغلب فيها جانب التوثق فحرم التصرف مطلقا [ ص: 261 ] وبهذا يعلم ضعف إفتاء غير واحد بأن للمالك قبل التضمين الأكل إذا نوى أنه يخرج الجاف ؛ لأن حق المستحقين شائع في كل ثمرة فكيف يجوز أكله بنية غرم بدله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ويسن خرص الثمر إلخ ) في البهجة

                                                                                                                              فإن يضمن ( أي الخارص ) بالصريح المالكا الثمر الجاف ويقبل ذلكا فنافذ في كله تصرفه
                                                                                                                              وبعد أن يضمن لو لم يتلفه يضمنه مجففا

                                                                                                                              ا هـ فقوله الثمر الجاف قال في شرحه أي : إن كان يجف وقوله يضمنه مجففا قال في شرحه : إن كان يجف فإن لم يجف أو أتلفه قبل الخرص أو التضمين أو القبول ضمنه رطبا لا جافا فيغرم القيمة ا هـ ولا يخفى أن هذا الصنيع الذي في شرحه قد يقتضي دخول الخرص ، والتضمين ما لا يجف فليتأمل وليراجع وقوله فيغرم القيمة الأوجه أنه إنما يغرم المثل كما يعلم مما يأتي .

                                                                                                                              ( قوله : إذا بدا صلاحه [ ص: 257 ] أو صلاح بعضه ) نعم إذا بدا صلاح نوع دون آخر ففي جواز خرص الكل وجهان في البحر والأوجه على ما قاله الشيخ عدم الجواز لكن الأقيس كما قاله ابن قاضي شبهة الجواز شرح م ر ( قوله : لتعذر الحزر فيه ) في تعذره في الشعير نظر ( قوله : وإن نقل عن الأئمة الثلاثة ما قيل : إنه يوافقه ) تقدم عن أحمد ما يوافقه بل ما هو أبلغ منه [ ص: 258 ] قوله : حكم المالك عدلين إلخ ) كذا في الروض وغيره ( قوله : وحمل ما قالاه آخرون إلخ ) يتأمل هذا الحمل مع قولهما فيما عدا قدر الزكاة مع أنه بعد الخرص والتضمين يباح التصرف في الجميع كما سيأتي آنفا ( قوله : صرح ببعض ما خرج بها ) هلا قال ما دخل فيها ( قوله : في المتن بعد جفافه ) هلا فسر الهاء بالثمر فلا إشكال [ ص: 259 ] حينئذ في إفراد ضمير جفافه وتثنية ضمير ليخرجهما ؛ لأن مرجع الأول حينئذ مفرد ، وهو الثمر والثاني مثنى ، وهو التمر والزبيب ، ولا حاجة إلى التأويل الذي ارتكبه المبني على اتحاد المرجع في الموضعين فيرد الإشكال المحوج لبيان الحكمة الواضحة فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : إذ كلامهم كالصريح في امتناع استقلال الملاك بالقسمة إلخ ) انظر ما تقدم قبيل والحب مصفى من تبنه ( قوله فليحمل ذلك على ما إذا إلخ ) إن أراد حمل البحث المذكور فلا يخفى ما في هذا الحمل كما يدرك بالتأمل ( قوله : على ما إذا انقطع حقهم ) قد يقال : قد فرض أنه ضمن حصته أو [ ص: 260 ] أخرجها ومع ذلك يقطع حقهم من العين إلا أن يقال : كلامه بالنسبة لشريكه فإنه لم يوجد منه ضمان ، ولا إخراج فالحق متعلق بالعين بالنسبة له ( قوله : في المتن وإذا ضمن إلخ ) ، ومحل جواز التضمين إذا كان المالك موسرا ينبغي ، ولو بالشجر فإن كان معسرا فلا شرح م ر ( قوله : باع الإمام إلخ ) ما المراد بذلك مع بقاء الثمر وتعلق الزكاة بحاله على هذا البحث ( قوله : فلا ينفذ تصرفه ) أي : في الكل أو البعض شائعا كما في شرح الروض ، وكذلك البعض معينا كما هو ظاهر ، وحاصل ذلك مع قوله الآتي آنفا ، ومع ذلك يحرم عليه التصرف إلخ أنه يحرم التصرف مطلقا سواء أكان في الكل أم في البعض معينا أم شائعا

                                                                                                                              ووجه الحرمة أنه تصرف في حق غيره ؛ لأن ما أوقع التصرف عليه من الكل أو البعض مطلقا للمستحقين فيه حق فقد تصرف في حق غيره بغير إذن صاحب الحق فيحرم لكنه مع الحرمة يصح فيما عدا قدر الزكاة ، ويبطل في قدرها ، نعم إن استثنى قدر الزكاة في البيع على ما سيأتي في آخر الباب فينبغي عدم التحريم ؛ لأنه خص التصرف بغير حق المستحقين فليتأمل ، وقضية ذلك أنه يحرم على الشريك في غير الزكاة بيع المشترك أو بعضه بغير إذن شريكه إلا أن يفرق بالنسبة للبعض بأن المغلب هنا التوثق ( قوله : لأن المغلب فيها جانب التوثق ) أي : فلا يقال : هلا جاز التصرف في قدر نصيبه كما في المشترك .

                                                                                                                              ( قوله : فحرم التصرف مطلقا ) ظاهره ، وإن كان التصرف فيما عدا قدر الزكاة شائعا ، وعبارة الروض

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              يحرم الأكل والتصرف قبل الخرص قال في شرحه لكن إن تصرف في الكل أو البعض شائعا صح [ ص: 261 ] فيما عدا نصيب المستحقين ا هـ وكذا ظاهر عبارة الروض وأصله وغيرهما ، ولا يخلو عن الإشكال ، وقد يدفع بأنه لا يؤمن أن يتلف ما عدا قدر الزكاة ، وإن لم يلزمه فيما إذا تلف بغير تقصير إلا حصة الواجب من ذلك الباقي كما يدل عليه قوله : الآتي آخر الصفحة أو بعضه زكى الباقي ، والأولى دفعه بأنه تصرف في حق غيره ؛ لأن ما تصرف فيه من كل أو بعض فيه حق للمستحقين نعم إن استثنى في البيع قدر الزكاة على ما يأتي آخر الباب فيتجه عدم التحريم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويسن خرص الثمر إلخ ) قضية صنيع شرح البهجة دخول الخرص والتخمين ما لا يجف فليتأمل وليراجع سم وتقدم عن ع ش وشيخنا الجزم بذلك ( قوله : الذي تجب ) إلى المتن في المغني والنهاية ( قوله : وما أطال الماوردي إلخ ) أي : وتبعه الروياني قال ، وهذا في النخل أما الكرم فهم فيه كغيرهم نهاية ومغني ( قوله : وألحق بهم إلخ ) ببناء المفعول عبارة النهاية والمغني قال السبكي وعلى هذا ينبغي إذا عرف من شخص أو بلد ما عرف في أهل البصرة يجري عليه حكمهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ونقل فيه الإجماع ) فقال يحرم خرصها بالإجماع نهاية ومغني قول المتن ( إذا بدا صلاحه إلخ ) ويجوز خرص الكل إذا بدا الصلاح في نوع دون آخر في أقيس الوجهين مغني ونهاية وأقره سم [ ص: 257 ] واعتمده ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : أو صلاح بعضه ) أي ، ولو حبة أخذا مما قالوه فيما لو بدا صلاح حبة في بستان أنه يجوز بيع الكل بلا شرط قطع ع ش ( قوله : وبحثه إلخ ) أي : وجوب الخرص ( على الأول ) أي : على سن الخرص ( قوله والخرص ) إلى قوله ، وفي تضعيف المتن في النهاية والمغني إلا قوله لكن بحث إلى ويبعد إلخ ( قوله : والخرص التخمين إلخ ) عبارة المغني والخرص لغة القول بالظن ، ومنه قوله تعالى { قتل الخراصون } واصطلاحا ما تقرر وحكمته الرفق بالمالك والمستحق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بأن يرى ما على كل شجرة ) أي : ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لتفاوتها نهاية ومغني ( قوله : بشرط إلخ ) راجع لقوله ، وإن شاء إلخ ( قوله : لتعذر الحزر فيه ) أي : لاستتار حبه ولأنه لا يؤكل غالبا رطبا بخلاف الثمرة نهاية ومغني قال ع ش قوله : م ر ولأنه لا يؤكل غالبا إلخ هذا دون ما قبله يشمل الشعير سم على البهجة والحكم إذا كان معللا بعلتين يبقى ما بقيت إحداهما فلا يجوز خرصه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فهو ضعيف ) فيه تأمل فإن شدة الضرورة تبيح الحرام المحض فضلا عن المشترك بالاشتراك الغير الحقيقي مع نية إخراج زكاته فليراجع ( قوله : وإن نقل عن الأئمة الثلاثة إلخ ) تقدم عن أحمد ما يوافقه بل ما هو أبلغ منه سم ( قوله : قيل إنه ) ما فائدة زيادته ( قوله : وببعد بدو الصلاح ) عطف على قوله بالثمر ( قوله : قبله ) الأولى ما قبله ؛ لأنه فاعل خرج المقدر بالعطف قال ع ش ، ومنه أي : مما قبل البدو البلح الذي اعتيد بيعه قبل تلونه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لتعذر خرصه ) أي : لعدم انضباط المقدار لكثرة العاهات قبل بدوه نهاية قول المتن ( إدخال جميعه ) أي : جميع الثمر والعنب نهاية ( قوله : أو نصفه ) أي : لنصف العشر .

                                                                                                                              ( قوله : نحوهم ) أي : كأحبائه وضيفانه ( قوله لكن يشهد إلخ ) عبارة المغني والثاني أنه يترك للمالك ثمر نخلة أو نخلات يأكله أهله واحتج له بقوله عليه الصلاة والسلام { إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } رواه أبو داود وصححه ابن حبان ويختلف ذلك بكثرة عياله وقلتهم وأجاب الشافعي رضي الله عنه بحمله على أنه يترك له ذلك من الزكاة لا من المخروص ليفرقه إلخ زاد النهاية ؛ إذ في قوله خذوا ودعوا إشارة لذلك أي : إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص واتركوا له شيئا مما خرص فجعل الترك بعد الخرص المقتضي للإيجاب فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وحملوه إلخ ) أي : حمل الأئمة ذلك الخبر تبعا للشافعي إلخ نهاية ( قوله : من الزكاة شيء ) أي : لا من الأشجار بعضها من غير خرص نهاية ( قوله : وفي تضعيف المتن ) أي : بتعبيره بالمشهور لا بالأظهر ( قوله : مدرك هذا المقابل ) الأوفق لما بعده إسقاط لفظ مدرك ( قوله : وهو ) أي : هذا المقابل ، وهو الاستثناء ( قوله : واختاره إلخ ) أي : مطلق الاستثناء الذي تضمنه المقابل عبارة الكردي الضمير يرجع إلى المقابل بالمعنى الأعم ، وهو لا يدخل جميعه في الخرص سواء خرص ولم يدخل الجميع أو لم يخرص ا هـ أي : فلا ينافي قوله الآتي ونوى إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : ومر الجواب إلخ ) ، وهو أنه محمول على ما لا زكاة فيه قول المتن ( وأنه يكفي خارص ) ، ولا يجوز للحاكم بعثه إلا بعد ثبوت معرفته عنده ، ولا يكفي مجرد قوله ع ش ( قوله : واحد ) إلى قوله ولا يكفي في المغني وإلى قوله وبتحكيمهما في النهاية ( قوله : لأنه يجتهد إلخ ) ولأنه صلى الله عليه وسلم { كان يبعث عبد الله بن رواحة خارصا أول ما تطيب الثمرة } مغني وشرح المنهج ( قوله : ولو اختلف خارصان إلخ ) بقي ما لو اختلف أكثر من اثنين وقياس ما في المياه أن يقدم الأكثر عددا ع ش ( قوله : ولو فقد خارص إلخ ) عبارة النهاية والمغني فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن حاكم تحاكم إلى عدلين عالمين بالخرص يخرصان إلخ ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قضيته أنه لا يكفي خرصه هو ، ولو احتاط للفقراء وكان عارفا بالخرص ، وهو ظاهر لاتهامه ا هـ [ ص: 258 ] قوله : حكم المالك عدلين ) كذا في الروض وغيره سم ( قوله : كما يأتي ) أي : تضمينا صريحا فيقبله المالك ( قوله على خلاف الأصل ) أي : لأن الأصل فيه أن يكون من المتخاصمين ، وهنا من المالك فقط ( قوله : يرد بذلك ) أي : بالتعليل الثاني ( قوله : وبتحكيمهما إلخ ) متعلق بقوله الآتي رد إلخ ( قوله : ينفذ التصرف إلخ ) أي : بلا حرمة ( قوله : وحمل ما قالاه آخرون إلخ ) يتأمل هذا الحمل مع قولهما فيما عدا قدر الزكاة مع أنه بعد الخرص والتضمين يباح التصرف في الجميع كما سيأتي آنفا سم وبصري قول المتن ( وشرطه إلخ ) أي الخارص واحدا كان أو اثنين مغني .

                                                                                                                              ( قوله : العلم بالخرص ) أي : لأنه اجتهاد والجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد نهاية ومغني ( قوله : بالاستفاضة ) يظهر أن مثلها علم من يبعثه من إمام أو نائبه بأنه عالم بالخرص بصري قول المتن العدالة أي : في الرواية محلي ومغني ، وهذا أقعد مما سلكه الشارح ، وإن كان المآل واحدا بصري ( قوله : ما خرج بها ) هلا قال ما دخل فيها سم قول المتن ( وكذا الحرية إلخ ) وعلم من العدالة الإسلام والبلوغ والعقل ولا بد أن يكون ناطقا وبصيرا ؛ إذ الخرص إخبار وولاية وانتفاء وصف مما ذكر يمنع قبول الخبر نهاية .

                                                                                                                              ( قوله ومر إلخ ) أي : في شرح ويجب الأغبط للفقراء قول المتن ( ويصير إلخ ) معطوف على أن حق إلخ لا على ينقطع إلخ ، وإن كان هو المتبادر لعدم الرابط إلا أن يجعل التمر والزبيب حالين بتأويلهما بالنكرة بصري ويجوز أن يجعل التمر إلخ خبر ليصير والظرف حالا منه مقدما عليه ( قوله : إن لم يتلفا ) إلى قوله ويأتي في النهاية والمغني إلا قوله أي : كل منهما وقوله أو خذه بكذا ، وما أنبه عليه ( قوله : إن لم يتلفا ) أي : قبل التمكن نهاية والمغني والأولى إفراد الضمير بإرجاعه إلى الثمر الشامل للرطب والعنب كما في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : بغير تقصير منه إلخ ) فإن تلف بتفريط كأن وضعه في غير حرز مثله ضمن وإنما لم يضمن في حالة عدم تقصيره مع تقدم التضمين لبناء أمر الزكاة على المساهلة ؛ لأنها علقة ثبتت من غير اختيار المالك فبقاء الحق مشروط بإمكان الأداء نهاية ( قوله : أي كل منهما ) هلا فسر الهاء بالثمر فلا إشكال حينئذ في إفراد ضمير جفافه وتثنية ضمير ليخرجهما ؛ لأن مرجع الأول حينئذ مفرد ، وهو الثمر والثاني مثنى ، وهو الثمر والزبيب ، ولا حاجة إلى التأويل الذي ارتكبه المبني على اتحاد المرجع في الموضعين فيرد الإشكال المحوج لبيان الحكمة الواضحة فليتأمل سم ( قوله من الساعي ) عبارة النهاية والمغني من الخارص أو من يقوم مقامه ا هـ أي : ومنه شريكه ع ش ثم قال المغني والمضمن هو الساعي أو الإمام ا هـ وعبارة شرح بافضل وشرح الروض وإذا خرص وأراد نقل الحق إلى ذمة المالك فلا بد أن يكون مأذونا له من الإمام والساعي في التضمين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو الخارص ) أل للجنس فيشمل الاثنين ، ولا يخالف ما قدمه في شرح وإنه يكفي خارص من اشتراط تعدد المحكم ( قوله : لنحو المالك ) أي : من وليه أو وكيله أو شريكه ( قوله : كضمنتك إياه بكذا ) أي نصيب المستحقين من الرطب أو العنب بكذا تمرا أو زبيبا نهاية ومغني ( قوله أو خذه بكذا ) أي : أو أقرضتك نصيب المستحقين من الرطب أو العنب بكذا تمرا أو زبيبا بجيرمي قول المتن ( وقبول المالك ) أي فورا ويرشد لذلك قول الشارح أي : شيخ الإسلام فيقبل حيث عبر بالفاء بجيرمي ، وقد يفيد أيضا قول النهاية والمغني فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبل المالك بقي حق الفقراء بحاله ا هـ .

                                                                                                                              ثم رأيت قول العباب مع شرحه ويقبل ذلك المالك الأهل أو وكيله ، وإلا يكن أهلا فوليه ويجب في القبول أن يكون فورا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بل الكل ) أي ، ولو بغير إذن شريكه كما يأتي ( قوله : كما يجوز أن يضمن زكاة حصة المسلم شريكه اليهودي ) قضيته صحة ذلك ، وإن لم يأذن له المسلم في القبول ع ش ( قوله : [ ص: 259 ] كما يأتي ) أي : في آخر الباب ( قوله : أخذا من هذا ) أي : من جواز تضمين الساعي أحد شريكين قدر حقه إلخ ( قوله : من غيره ) أي : غير ما تعلقت به الزكاة ( قوله : لو ضمن إلخ ) لعله ببناء الفاعل من الثلاثي يعني لو قبل تضمين الساعي حصته له ( قوله : أو أخرجها ) أي : مما عنده من الحب المصفى أو الثمر الجاف ( قوله : وإن لم يخرج شريكه إلخ ) أي : لم يضمن ( قوله : قال غيره ) أي : غير الباحث المتقدم عطفا على قوله إفراز .

                                                                                                                              ( قوله : إذ لا يكلف بغيره ) يعني بما يتعلق بحصة شريكه ( قوله : وفيه نظر ) أي : فيما قاله الغير ( قوله : إذ كلامهم كالصريح في امتناع استقلال المالك إلخ ) انظر ما تقدم قبيل والحب مصفى من تبنه سم أي : من قول الشارح وبحث بعضهم أن للمالك الاستقلال بالقسمة إلخ ، وقد يجاب بأن ما تقدم في قسمة المالك بينه وبين المستحقين ، وما هنا في قسمة الشريكين بينهما ( قوله : فليحمل ذلك ) أي : ما قاله الغير ( قوله : على ما إذا انقطع إلخ ) قد يقال قد فرض أنه ضمن حصته أو أخرجها ومع ذلك ينقطع حقهم من العين إلا أن يقال كلامه بالنسبة لشريكه فإنه لم يوجد منه ضمان ولا إخراج فالحق متعلق بالعين بالنسبة لهسم .

                                                                                                                              ( قوله : وأن إخراج إلخ ) عطف على بطلان القسمة ( قوله : لبقاء تعلق الزكاة ) أي بعضها ( قوله : وهذا إلخ ) أي : ما قاله البعض ( قوله : ما لم ينو التبرع ) يشمل الإطلاق ( قوله : ولا يجاب ) إلى قوله ذكره المجموع في شرح الروض ( قوله : قسمة ما يجف ) أي مما يضر أصله ونحوه كما يؤخذ من كلام الروض ويفيده أيضا قول الشارح الآتي وفارق إلخ ( قوله : بأن يفرد إلخ ) إنما فسر القسمة بذلك ؛ لأنها ليست حقيقية بل المراد بها تعيين شيء للزكاة ليتصرف المالك في الباقي توثقا كردي ( قوله : إن قلنا القسمة بيع ) أي : لامتناع بيع الرطب بالرطب إيعاب ( قوله : وإلا ) أي : بأن قلنا إنها إفراز ، وهو ما صححه في المجموع إيعاب وتقدم في الشرح أنه الأصح ( قوله : وعلى المنع ) أي : المرجوح ( قوله : من المقطوع إلخ ) إنما قيد به ؛ لأن غير المقطوع الذي يجف لا يتصور فيه القبض كما مر وإنما الذي لا يجف فهو كمقطوع كما مر أيضا كردي أقول تقدم أن المراد بما يجف في كلام الشارح نحو ما يضر أصله وتقدم عن الروضة والروض أنه مثل المقطوع فللساعي قبضها مشاعا بقبض الكل ثم للساعي أن يبيع نصيب المساكين للمالك أو غيره ، وأن يقطع ويفرق بينهم يفعل ما فيه الأحظ .

                                                                                                                              ( قوله : ويلزمه فعل الأحظ ) أي : من البيع أو التفريق أو التجفيف ( قوله : مع بقاء الثمرة ) أي : التي لا تجف أو تضر أصلها روض ( قوله : فإن أتلفها إلخ ) أي : الثمرة التي تضر بالأصل أو تجف رديئا روض ( قوله : وقت التلف ) أي : أو الإتلاف أسنى ( قوله : قال ) أي : في المجموع ( قوله : وفارق هذا ) أي : لزوم قيمة الواجب رطبا هنا ( ما مر ) أي : في شرح ، وإلا فرطبا وعنبا [ ص: 260 ] من لزوم التمر الجاف ( قوله : لما يأتي ) أي : في الفرع ويحتمل في قول المصنف ولو ادعى هلاك المخروص إلخ فإنه يفيده أيضا ( قوله : ما تلف بغير تقصير ) أي : كأن تلفت بآفة سماوية أو سرقت من الشجر أو الجرين قبل الجفاف من غير تفريط نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : على الأول ) أي : المذهب ( قوله : لأنه ) إلى قوله وتبعه في المغني والنهاية ( قوله : واستبعده إلخ ) أي : إطلاقهم جواز التصرف بالبيع وغيره بعد التضمين مغني ونهاية ( قوله : يصرفه إلخ ) أي : يظن أنه يصرفه إلخ ( قوله : لا حظ لهم ) أي للمستحقين ( قوله : فقال ) أي : الغير ( قوله إنما يضمنه ) أي : يضمن الإمام أو نائبه للمالك ( قوله : فإن ظنها فاختلف ظنه إلخ ) أي : فإن ضمنه على ظن أنه موسر نفذ التضمين ثم إن بان أنه معسر بتلف الثمر كله باع الإمام من الثمر أو غيره مما يملكه ما يفي بما ضمنه وبذلك يندفع قول سم ما المراد بذلك البيع مع بقاء الثمر وتعلق الزكاة بحاله على هذا البحث ا هـ ؛ لأن الباحث إنما بحث عدم جواز التضمين لمن علم إعساره لإفساده أيضا إذا تبين خلاف ظنه .

                                                                                                                              ( قوله : أي حيث لم يكن إلخ ) أي : ويصح بيعه حيث لم يكن إلخ ( قوله : وبحث بعضهم إلخ ) جزم به النهاية ( قوله : أما قبل الخرص ) إلى قوله كما يأتي في النهاية والمغني ( قوله : فلا ينفذ تصرفه إلخ ) أي في الكل أو البعض شائعا كما في شرح الروض ، وكذلك البعض معينا كما هو ظاهر وحاصل ذلك مع قوله الآتي آنفا ومع ذلك يحرم عليه التصرف إلخ أنه يحرم التصرف مطلقا في الكل والبعض معينا أو شائعا ؛ لأنه تصرف في حق الغير أي : المستحقين ؛ لأن لهم في كل حبة حقا بغير إذنه لكنه مع الحرمة يصح وينفذ فيما عدا قدر الزكاة ويبطل في قدرها نعم إن استثنى قدر الزكاة في البيع على ما سيأتي آخر الباب فينبغي عدم التحريم سم .

                                                                                                                              ( قوله : ومع ذلك يحرم عليه التصرف إلخ ) كذا في الروض وشرحه لكن يخالفه قول النهاية والمغني ، وقد يفهم كلامه امتناع تصرفه قبل التضمين في جميع المخروص لا في بعضه ، وهو كذلك فينفذ تصرفه فيما عدا الواجب شائعا لبقاء الحق في العين لا معينا فيحرم أكل شيء منه ا هـ أي : لأن الأكل إنما يرد على معين بخلاف البيع يقع شائعا بجيرمي ( قوله مع كون الشركة إلخ ) جواب سؤال عبارة الأسنى فإن قلت هلا جاز التصرف فيه أيضا في قدر نصيبه كما في المشترك قلت الشركة هنا غير حقيقية بل المغلب فيها جانب التوثق فلا يجوز التصرف مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن المغلب فيها إلخ ) أي : فلا يقال هلا جاز التصرف في قدر نصيبه كما في المشترك سم ( قوله : فحرم التصرف مطلقا ) ظاهره ، وإن كان التصرف فيما عدا قدر الزكاة شائعا ، وكذا ظاهر عبارة الروض وأصله وغيرهما ، ولا يخلو عن الإشكال ، وقد يدفع بأنه تصرف في حق غيره ؛ لأن ما تصرف فيه من كل أو بعض فيه حق للمستحقين نعم إن استثنى في البيع قدر الزكاة على ما يأتي آخر الباب فيتجه عدم التحريم سم [ ص: 261 ] وتقدم عن النهاية والمغني ما يفيد جواز التصرف فيما عدا قدر الزكاة شائعا .

                                                                                                                              ( قوله وبهذا يعلم ضعف إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني وشرحي الروض والمنهج




                                                                                                                              الخدمات العلمية